للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النهر يستقون ماءهم من الأبلة، وكان يذهب رسولهم إذا قام المتهجدون من الليل، فيأتي بالماء بعد صلاة العصر (١).

وهكذا يسر أبو موسى ماء الشرب لأهل البصرة من جهة، ويسر لهم ماء السقي من جهة أخرى.

أما النهر الثالث الذي حفره أبو موسى بالبصرة، فهو نهر معقل، نسبة إلى الصحابي الجليل معقل بن يسار بن عبد الله المزني، وهو نهر معروف بالبصرة، فمه عند نهر الإجانة الذي ذكرناه قبل قليل. فقد أمر عمر بن الخطاب أبا موسى أن يحفر نهرا بالبصرة، وأن يجريه على يد معقل بن يسار المزني، فنسب إليه. وفي رواية أخرى أن زياد بن أبي سفيان (٢) هو الذي حفره (٣)، ولا تناقض بين الروايتين، فأبو موسى حفره، وزياد جدد حفره، لأن الأنهار في تلك المناطق تحتاج إلى إدامة حفرها باستمرار، وإلا طمرت واندرست، فخلط الذين كتبوا على هذا النهر بين الجهدين: جهد أبي موسى، وجهد زياد.

تلك ثلاثة أنهار للبصرة عرفت لأبي موسى، حفرها على عهد الفاروق عمر وحده، وقد كان على البصرة في عهد عمر خمس سنوات امتدت من سنة سبع عشرة الهجرية إلى سنة ثلاث وعشرين الهجرية، أمضى منها سنة على الكوفة بعيدا عن البصرة، وقد بقي على البصرة ست سنوات في عهد عثمان بن عفان، ولا بد أنه بذل نشاطا باهرا في حفر أنهار جديدة وفي تطهير أنهار قديمة، ولا عبرة بسكوت الذين سجلوا نشاط أبي موسى في حفر الأنهار عن تسجيل ما حفره من أنهار، فما كل شيء جرى سجل


(١) معجم البلدان (٨/ ٣٣٥).
(٢) زياد بن أبي سفيان: انظر سيرته في تهذيب ابن عساكر (٥/ ٤٠٩).
(٣) معجم البلدان (٨/ ٣٤٥ - ٣٤٦).