للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الكتاب والسنة في ذاتها أو صورتها، فقد أخبرنا الله تعالى في كتابه لنا ديننا وأتم علينا به نعمته، فكل من يزيد فيه شيئا فهو مردود عليه. . لأنه مخالف للآية الشريفة والحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (١)» وكل البدع التي منها حسن ومنها سيئ فهي الاختراعات المتعلقة بأمور المعاش ورسائله ومقاصده وهي المراد بحديث: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة (٢)» ولولا ذلك لكان لنا أن نزيد في ركعات الصلاة أو سجداتها. ثم شرع المؤلف من بعد ذلك في الحديث عن البدع والمحدثات التي ابتكرها الناس في صلاة الجمعة وذكر منها دعاء المؤذن بين الخطبتين إثر جلوس الخطيب عقب الخطبة الأولى، والتمسح بالخطيب إذا نزل عن المنبر، وما يفعله جماعة المؤذنين عند صعود الخطيب المنبر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- جهرا، وما يتكلفه الخطيب من رفع صوته في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في أثناء الخطبة.

وعقد فصلا عما أحدثه الناس في الصلاة، كالجهر بالنية قبل تكبيرة الإحرام، إذ يحدث تشويشا على الناس وهو مكروه لأن محلها القلب، ومثل إساءة الصلاة بترك الطمأنينة في الركوع والسجود وكثرة الحركات في الصلاة وهو مبطل للصلاة، ومثل رفع الجماعة الأولى لانتظار الثانية وذلك في المساجد التي تتعدد فيها الجماعات الحنفية والشافعية وغيرهما لأنه ورد في الحديث الصحيح: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (٣)» وأن الذي يجلس أثناء صلاة الجماعة يعتبر معرضا عنها ومخالفا للجماعة. ومنها صلاة جماعتين فأكثر في وقت واحد ومكان واحد ويشوش بعضهم على بعض، وهو ينافي غرض الشارع في مشروعية الجماعة. . الذي هو جمع قلوب المؤمنين، وتأليفهم. وقد ورد في الحديث الصحيح «ستكون بعدي هنات وهنات، فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد تفريق أمة محمد وهم جميع فاقتلوه كائنا من كان (٤)».

ومنها ما اعتاده بعض الجهلة من أئمة المساجد في صلاة التراويح من تخفيفها إلى هيئة يقعون بسببها في الإخلال بأركان الصلاة وسننها. . كترك الطمأنينة في الركوع والسجود وسرد القراءة وإدماج حروف التلاوة بعضها ببعض رغبة في العجلة. وهذا كله من مكايد الشيطان، ومنها انفراد بعض المقتدين بصلاة الوتر بعد التراويح عند مخالفة مذهبهم لمذهب الإمام، والسبب في ذلك هو أن الحنفية يرون صلاة الوتر ثلاث ركعات موصولة بتسليمة واحدة خلافا للشافعي مع أن كلا الوجهين صواب، وأن الصلاة وراء المخالف في المذهب مطلوبة لما فيها من وحدة جماعة المسلمين وتجنب التفرقة والمخالفة.


(١) صحيح البخاري الصلح (٢٦٩٧)، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٥٦).
(٢) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٧)، سنن الترمذي العلم (٢٦٧٥)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٩)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٢).
(٣) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧١٠)، سنن الترمذي الصلاة (٤٢١)، سنن النسائي الإمامة (٨٦٥)، سنن أبو داود الصلاة (١٢٦٦)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١١٥١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٥٥)، سنن الدارمي الصلاة (١٤٤٨).
(٤) صحيح مسلم الإمارة (١٨٥٢)، سنن النسائي تحريم الدم (٤٠٢١)، سنن أبو داود السنة (٤٧٦٢)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٤١).