ثالثا إن عدم أخلاقية العلوم الطبيعية في الغرب، وإفلاس المسيحية كدين، حرما الرجل الغربي من تحقيق ذاته الروحية وإحلال السعادة في حياته، لهذا تراه يقدم على الأديان الأخرى الغريب منها، كالهندوكية والبوذية والصينية واليابانية والبدائية، والمعروف لديه كالمسيحية يرجع بها إلى تفهمات الأوائل البدائيين. كل هذا دون جدوى. لأن الإنسان الغربي متعلق بالأرض والحياة تعلقا لا ينفصم ولا يكل، بينما تقوم الحياة والأرض بخدعة وإفساد مساعيه. والمسيحية، تتنكر لمسعاه الدنيوي تماما كما تقضي الأديان الجديدة عليه وتحمله إثمها. فضميره ممزق وشخصيته مفصومة، لا ينفعه دينه ولا تدينه بل يزيدانه شقاء على شقاء.
هذه الأسباب الثلاثة تجعل استمرار الواقع الديني في الغرب أمرا مستحيلا، لا سيما أمريكا. وهذه الاستحالة هي نفسها إمكانية الدخول في دين الله.
فالإسلام قادر على حل مشكلة الإنسان الغربي. وهو قادر على نشله من الحرج الوجودي الذي يتخبط فيه، فالإسلام يبارك سعيه الدنيوي وتسخيره للطبيعة، ولكنه أيضا يتحكم بهذا السعي والتسخير وإخضاعه إياهما الزمات الأخلاق. ذلك أن الله -سبحانه وتعالى- هو الذي سخر الطبيعة وقواها للإنسان ومنحه أن ينتفع منها ما أراد وما استطاع سبيلا، وذلك أيضا أن الله الذي سخر وبارك المسعى هو مصدر الأخلاق والقيم، وهو الذي عرفنا بأوامره وإرادته عن طريقي الوحي والعقل. فالإسلام يستطيع أن يوحد شطري الشخصية الغربية وهو الذي يقدر على توجيه الإنسان الغربي لحياة السعي ولحياة التقوى وذلك بتوجيه الحياتين لله تعالى.
إلا أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يستطيع هذا، وهذا هو معنى ضرورة دخول أمريكا في الإسلام. لا يوجد دين ولا نعرف مذهبا سوى الإسلام يقوى على إعطاء الرجل الغربي كلا المادة والروح، كلا تسخير الطبيعة والانتفاع بالروح، كلا الدنيا والآخرة، كلا السعادتين.
حقا إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يقدر على إيقاف الاضمحلال والتدهور في أمريكا. وهو وحده يقوى على بعث روح جيدة فيها تحركها نحو الدنيا والأخلاق معا. . فالإسلام وحده يزكي أموالها وثرواتها وذلك بنقض العنصرية والاستغلال والاستعمار وتصفيتها، وذلك بضمها على خطوط الإنسانية تحت عالمية الإسلام.
أي كسب هذا وأي فتح للحق والأخلاق! أي تقدم في التاريخ البشري! وأي تحقيق لإرادة الله تعالى ووعده! دخول أمريكا في الإسلام!.