الله بانتفاء الحاجة إليهم بقوة الإسلام وبعزته، وتمكن أهله من إظهار دينهم، والتقيد بمقتضياته ومستلزماته والدعوة إليه، وبتطبيق هذا الواقع في خلافة عمر رضي الله عنه، وما تلاها من ولايات عزيزة، وبإجماع الصحابة على سلامة ما فعله عمر من منع العطاء للتأليف، أجاب عن هذا المعنى فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه فقه الزكاة فقال:
فإن عمر إنما حرم قوما من الزكاة كانوا يتألفون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ورأى أنه لم يعد هناك حاجة لتأليفهم، وقد أعز الله الإسلام، وأغنى عنهم، ولم يجاوز الفاروق الصواب فيما صنع، فإن التأليف ليس وصفا ثابتا دائما، ولا كل من كان مؤلفا في عصر يظل مؤلفا في غيره من العصور، وإن تحديد الحاجة إلى التأليف وتحديد أشخاص المؤلفين أمر يرجع إلى أولي الأمر وتقديرهم لما فيه خير الإسلام ومصلحة المسلمين، ولقد قرر علماء الأصول أن تعليق الحكم بوصف مشتق يؤذن بعلية ما كان منه الاشتقاق، وهنا علق صرف الصدقة بالمؤلفة قلوبهم، فدل على أن تأليف القلوب هو علة صرف الصدقات إليهم، فإذا وجدت هذه العلة وهي تأليف قلوبهم أعطوا، وإن لم توجد لم يعطوا. اهـ (١).
كما أجاب عن ذلك الدكتور محمد يوسف موسى فقال:
أما مسألة المؤلفة قلوبهم فلنا أن نفهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعطيهم في حياته من الصدقات بقصد إعزاز الإسلام لضعفه حينذاك، فجاء عمر ورأى في الدفع إليهم إشعارا بأن الإسلام في حاجة إليهم، وفي هذا ما قد يضعف من حمية المسلمين واعتزازهم بأنفسهم دون من في قلوبهم دخل، فكان إعزاز الإسلام حينئذ في عدم إعطائهم شيئا من الصدقات، إذ لم يكن الأمر نسخا من عمر لنص قرآني، وإنما هو تقرير لما كان يقصده الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان على وجه آخر يتفق مع ما صار إليه الإسلام