للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا وجدنا أفرادا لهم مقامهم المحترم في المجتمع، سواء كان ذلك من حيث مكانتهم الاجتماعية، أو من حيث ثقافتهم التخصصية، أو من حيث وضعهم الاقتصادي، أو السياسي، وكان هناك أمل في إسلامهم بعد تأليف قلوبهم بالعطاء، فيعطون من الزكاة من سهم المؤلفة قلوبهم ما يحببهم في الإسلام، ويرغبهم في الانضواء مع المسلمين، كما فعل صلى الله عليه وسلم مع صفوان بن أمية وغيره، فقد أعطاهم صلى الله عليه وسلم عطاء جزلا طمعا في إسلامهم، ثم أسلموا بعد ذلك.

ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «بعث علي وهو باليمن بذهيبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة: الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن حصن الفزاري، وعلقمة العامري سيد بني كلاب، وزيد الخير الطائي سيد بني نبهان. قال: فغضبت قريش والأنصار، فقالوا: يعطي صناديد نجد ويدعنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني إنما فعلت ذلك لتأليفهم (١)».

وفي صحيح مسلم عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: «أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كل إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك، فقال عباس بن مرداس:

أتجعل نهبي ونهب العبيد ... بين عيينة والأقرع (٢)

وما كان حصن ولا حابس ... يفوقان مرداس في المجمع

وما كنت دون امرئ منهما ... ومن يخفض اليوم لا يرفع

قال فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة». والعبيد اسم فرس له، ففي هذه الآثار دلالة صريحة على مشروعية إعطاء من يتألف للإسلام ممن هو مطاع في عشيرته وقومه.


(١) صحيح البخاري التوحيد (٧٤٣٢)، صحيح مسلم الزكاة (١٠٦٤)، سنن النسائي تحريم الدم (٤١٠١)، سنن أبو داود السنة (٤٧٦٤)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٦٨).
(٢) صحيح مسلم الزكاة (١٠٦٠).