وإذا وجد أن الحاجة تقتضي إيجاد مؤسسات اجتماعية تقوم برعاية حديثي العهد بالإسلام، من حيث التأهيل الاجتماعي والعلمي، وكف الأذى عنهم، وتعويضهم عما فقدوه من أهلهم ومجتمعهم بعد انتقالهم من دينهم إلى الإسلام، فلا شك أن هؤلاء يعتبرون من المؤلفة قلوبهم، والإسهام في تغطية نفقات هذه المؤسسات من سهم المؤلفة قلوبهم وجيه ومشروع فيعطون من سهم المؤلفة قلوبهم، كما يعطون من سهم سبيل الله، فإن سبيل الله عام في كل وجه من وجوه الخير والبر، كما هو اختيار مجموعة من أهل العلم، ولكن بعد توافر القناعة التامة باستقامة هذه المؤسسات، وتقييدها باختصاصها وصلاح وتقى القائمين عليها، وألا يكون هناك إسراف في المصروفات الإدارية على هذه المؤسسات؛ لأن الزكاة حق الله تعالى في أموال عباده، وهي أمانة في أيدي من وجبت عليهم في أموالهم، فحينما يدفعون جزءا من الزكاة إلى القائمين على هذه المؤسسات، فهم يدفعونها إليهم على اعتبارهم وكلاء عنهم في دفع ما دفعوه من الزكاة إلى مستحقيه، فلا تبرأ ذممهم منها حتى تصرف في مصارفها الشرعية.
وإذا وجدت أقليات إسلامية في بلد غير إسلامي تحكمه حكومة غير مسلمة، وظهر أن هذه الأقليات في وضع مقتض تأليف هذه الحكومة على العناية بوضعهم، والحفاظ على حقوقهم وحرياتهم، فإن مساعدة هذه الحكومة من سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة، بما يحقق لهذه الأقليات المسلمة عونا واحتراما واعتبارا وتمكينا متجه ومستمد جوازه من تحقيق المصلحة العامة لهذه المجتمعات الإسلامية، فإن المال وسيلة لا غاية، والغاية وجود مجتمع إسلامي متكامل متعاطف متلاحم، يتمتع بالعزة والرفعة والكرامة والحرية المتفقة مع المقتضى الشرعي وفقا لأحكام الله ورسوله.
فكل وسيلة لا تتعارض مع القواعد العامة للأخلاق وحكمة الوجود، وهي طريق لتحقيق الغاية من وجود مجتمع إسلامي عزيز، فهي وسيلة مشروعة ومعتبرة، وبهذا نستطيع القول بجواز صرف جزء من الزكاة للحكومات المذكورة بشرطه، ومن ذلك المشاركة في جمع التبرعات والإسهام في تحصيلها لمنكوبي الزلازل