ويؤثر على النمو الاقتصادي؛ لأن المال كما يقال: لا ينمو إلا في الجو الآمن، ولا يتسع نطاقه مع الخوف.
ولو تتبعنا بأرقام إحصائية ما تدفعه دول العالم صغيرها وكبيرها على الأمن من جهود وأموال، وما ينجم من خسارة يوقعها المجرمون يوميا على الأنفس والأموال، وسائر الممتلكات، لوجدنا أرقاما خيالية، كفيلة بتنظيم حياة الناس، وتوفير العيش الرغيد لهم براحة واطمئنان وهدوء نفس.
ولكن الضعف النفسي الذي سببه الضعف الإيماني الذي يدفع أناسا للتسلط على الآخرين، والتعدي على نفوسهم وأعراضهم وأموالهم بالحيلة أو القوة؛ ليصبح هؤلاء المجرمون عالة على المجتمع، مفسدين بين أفراد الأمة متسلطين على حقوق غيرهم، حاقدين على الناس عموما، كما حرص علماء النفس على تسميتهم بمصطلحات عديدة ذات دلالة في المعني: كالنرجسية والسادية والأنانية. . . صفات تنبئ عن حقيقة العمل، واتجاه صاحبه.
وفي نظري أن أهم الثغرات في دراسات وتخطيطات المهتمين بمكافحة الجريمة إغفالهم الجانب الروحاني، وإبعادهم التدين الذي يخاطب القلوب بما يؤثر فيها، وليس كل مؤثر روحاني يعطي نتيجة في هذا، ولا كل تدين يعتبر تدينا؛ لأن كل ما يرسمه البشر من سماته الخطأ والقصور، وما جاء من عند الله فهو الكامل الذي لا نقص، ولا مدخل فيه لتأويل.
ودين الإسلام الذي رضيه الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، عقيدة في القلوب، ومنهج عمل للنفس يقومها، وللمجتمع يحميه من الآفات، ويسير نظام أبنائه، هو الذي ينبعث من المؤثر الروحاني، ويتعمق مفهوم التدين، وما ذلك إلا أن تعاليمه المستقاة من كلام الله جل وعلا، تخاطب الوجدان، وتنفذ إلى القلب وتمتلك نتائجها المشاعر إحساسا ظاهرا، ونتيجة ملموسة؛ لأنه دين رضيه الله سبحانه: عقيدة ومنهج سلوك لخير أمة على وجه الأرض، بنعمة منه سبحانه وتعالى وفضل، وشيء رضيه الله، لا بد أن يكون كاملا في توجيهه، متناسقا في تنظيمه، شاملا في حمايته لأبنائه،