للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (١) قد خصصه قوله صلى الله عليه وسلم «لا قطع إلا في ربع دينار (٢)». وهذا قوله سبحانه: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} (٣) قد خصصه ما شهد به الحس من سلامة السماء والأرض وعدم تدمير الريح لهما.

السادس: إن النسخ لا يكون إلا بدليل متراخ عن المنسوخ أما التخصيص فيكون بالسابق واللاحق والمقارن، وقال قوم: لا يكون التخصيص إلا بمقارن فلو تأخر عن وقت العمل بالعام كان هذا المخصص ناسخا للعام بالنسبة لما تعارضا فيه، كما إذا قال الشارع: (اقتلوا المشركين) وبعد وقت العمل به قال: (ولا تقتلوا أهل الذمة)، ووجهة نظر هؤلاء أن المقصود بالمخصص بيان المراد بالعام، فلو تأخر وقت العمل به لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وذلك لا يجوز، فلم يبق إلا اعتباره ناسخا.

السابع: إن النسخ لا يقع في الأخبار بخلاف التخصيص فإنه يكون في الأخبار وفي غيرها (٤).

وقد نقل الشيخ محمد حمزة في كتابه (دراسات في الإحكام والنسخ) عن الإمام الغزالي أنه حصر الفرق بين التخصيص والنسخ في خمسة أمور. ولا نجد فيها غير ما أورده غيره من الفروق التي أجملناها آنفا إلا ما كان من قوله الخامس: إن تخصيص العام المقطوع بأصله جائز بالقياس وبخبر الواحد وسائر الأدلة، ونسخ القاطع لا يجوز إلا بقاطع (وقد علق الشيخ محمد حمزة على ذلك بقوله: أقول تفريق ممتاز على ما في ذلك من الخلاف، فإن الأحناف اشترطوا المقارنة في المخصص للعام، فإذا تراخى عنه فهو نسخ لا تخصيص، كما تقدم ولا يجوز عند الأحناف تخصيص الكتاب بخبر الواحد؛


(١) سورة المائدة الآية ٣٨
(٢) موطأ مالك كتاب الحدود (١٥٨٦).
(٣) سورة الأحقاف الآية ٢٥
(٤) مناهل العرفان ج ٢ ص ١٨٤ - ١٨٦ وانظر نظرية النسخ في الشرائع السماوية ص ١٢.