للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (١) ما نبدل من آية. وقال ابن جريج عن مجاهد: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (٢) أي ما نمحو من آية. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (٣) قال: نثبت خطها ونبدل حكمها. حدث به عن أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم. وقال ابن أبي حاتم: وروي عن أبي العالية محمد بن كعب القرظي نحو ذلك. وقال الضحاك {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (٤) ما ننسك. وقال عطاء أما {مَا نَنْسَخْ} (٥) فما نترك من القرآن. وقال ابن أبي حاتم يعني ترك فلم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم وقال السدي {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (٦) نسخها قبضها وقال ابن أبي حاتم: يعني قبضها رفعها مثل قوله (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة) وقوله «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا (٧)» وقال ابن جرير {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (٨) ما ينقل من حكم آية إلى غيره فنبدله ونغيره وذلك أن يحول الحلال حراما والحرام حلالا والمباح محظورا والمحظور مباحا ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ وأصل النسخ من نسخ الكتاب وهو نقله من نسخة أخرى إلى غيرها وكذلك معنى نسخ الحكم إلى غيره إنما هو تحويله ونقل عبارة إلى غيرها وسواء نسخ حكمها أو خطها إذ هي في كلتا حالتيها منسوخة. وأما علماء الأصول فاختلفت عبارتهم في حد النسخ، والأمر في ذلك قريب؛ لأن معنى النسخ الشرعي معلوم عند العلماء ولحظ بعضهم أنه رفع الحكم بدليل شرعي متأخر فاندرج في ذلك نسخ الأخف بالأثقل وعكسه والنسخ لا إلى بدله ولم يشأ رحمه الله أن يتوسع في تفصيل ذلك فقال وأما تفاصيل أحكام النسخ وذكر أنواعه وشروطه فمبسوطة في أصول الفقه. ثم قال: وقوله تعالى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} (٩) يقول ما نبدل من آية أو نتركها لا نبدلها وقال عطية العوفي: أو ننسأها نؤخرها فلا ننسخها. وقال السدي مثله أيضا، وكذا الربيع بن أنس وقال الضحاك: (ما ننسخ من آية أو ننسأها) يعني الناسخ من المنسوخ. وقال أبو العالية: (ما ننسخ من آية أو ننسأها) نؤخرها


(١) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٢) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٣) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٤) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٥) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٦) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٧) صحيح البخاري الرقاق (٦٤٣٩)، صحيح مسلم الزكاة (١٠٤٨)، سنن الترمذي الزهد (٢٣٣٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٢٢)، سنن الدارمي الرقاق (٢٧٧٨).
(٨) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٩) سورة البقرة الآية ١٠٦