للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النسخ فلا ننسخها قاله الفراء. والثاني: نؤخر إنزالها فلا ننزلها ألبتة. والثالث: نؤخرها عن العمل بها بنسخنا إياها حكاهما أبو علي الفارسي. وقرأ سعد بن أبي وقاص (تنسها) بتاء مفتوحة ونون وقرأ سعيد بن المسيب والضحاك (تنسها) بضم التاء وقرأ نافع (أو ننسها) بنونين الأولى مضمومة والثانية ساكنة أراد (أو ننسكها) من النسيان. قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} (١) قال ابن عباس بألين منها وأيسر على الناس. قوله تعالى {أَوْ مِثْلِهَا} (٢) أي في الثواب والمنفعة فتكون الحكمة في تبديلها بمثلها الاختبار. اهـ (٣) وجاء في تفسير العلامة أبي السعود (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم) في تفسير هذه الآية قوله رحمه الله: ما ننسخ من آية أو ننسها. كلام مستأنف مسوق لبيان سر النسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي وإبطال مقالة الطاغين فيه إثر تحقيق حقيقة الوحي ورد كلام الكارهين له رأسا، قيل: نزلت حين قال المشركون أو اليهود: ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمر بخلافه. والنسخ في اللغة الإزالة والنقل يقال: نسخت الريح الأثر أي أزالته، ونسخت الكتاب أي نقلته، ونسخ الآية بيان انتهاء التعبد بقراءتها أو بالحكم المستفاد منها أو بهما جميعا.

وإنساؤها إذهابها من القلوب و (ما) شرطية جازمة (لننسخ) منتصبة به على المفعولية، وقرئ (ننسخ من انسخ) أي: نأمرك أو جبريل بنسخها أو تجدها منسوخة، وننسأها من النسيء أي نؤخرها، وننسها بالتشديد وتنسها وتنسها على خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم مبنيا للفاعل وللمفعول، وقرئ (ما ننسخ من آية أو ننسكها) وقرئ (ما ننسك من آية أو ننسخها) والمعنى: عن كل آية نذهب بها على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة من إزالة لفظها أو حكمها أو كليهما معا إلى بدل أو إلى غير بدل.


(١) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٢) سورة البقرة الآية ١٠٦
(٣) زاد المسير ج١ ص١٠٧ - ١٠٨.