للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معترضة لتوبيخ الكفرة والتنبيه على فساد رأيهم. وفي الالتفات إلى الغيبة مع إسناد الخبر إلى الاسم الجليل المستجمع للصفات ما لا يخفى من تربية المهابة وتحقيق معنى الاعتراض أو حالية وقرئ بالتخفيف من الإنزال قالوا أي الكفرة الجاهلون بحكمة النسخ {إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} (١) أي متقول على الله تعالى تأمر بشيء ثم يبدو لك فتنهى عنه وحكاية هذا القول عنهم هاهنا للإيذان بأن ذلك كفرة ناشئة من نزغات الشيطان وأنه وليهم {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٢) أي لا يعلمون شيئا أصلا أو لا يعلمون أن في النسخ حكما بالغة وإسناد هذا الحكم إلى الأكثر لما أن منهم من يعلم ذلك وإنما ينكره عنادا (٣) اهـ.

وقال العلامة الشوكاني في تناوله لتفسير هذه الآية {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} (٤) هذا شروع منه سبحانه في حكاية شبه كفرية ودفعها ومعنى التبديل رفع الشيء مع وضع غيره مكانه. وتبديل الآية رفعها بأخرى غيرها وهي نسخها بآية سواها. وقد تقدم الكلام في النسخ في البقرة قالوا أي كفار قريش الجاهلون للحكمة في النسخ: إنما أنت يا محمد مفتر أي كاذب مختلق على الله متقول عليه بما لم يقل حيث تزعم أنه أمرك بشيء ثم تزعم أنه أمرك بخلافه فرد الله سبحانه عليهم بما يفيد جهلهم فقال {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٥) شيئا من العلم أصلا أو لا يعلمون الحكمة في النسخ فإنه مبني على المصالح التي يعلمها الله سبحانه، فقد يكون في شرع هذا الشيء مصلحة مؤقتة بوقت ثم تكون المصلحة بعد ذلك الوقت في شرع غيره. لو انكشف الغطاء لهؤلاء الكفرة لعرفوا أن ذلك وجه الصواب ومنهج العدل والرفق واللطف ثم بين سبحانه لهؤلاء المعترضين على حكمة النسخ الزاعمين أن ذلك لم يكن من عند الله وأن رسوله صلى الله عليه وسلم افتراه فقال {قُلْ نَزَّلَهُ} (٦) أي القرآن المدلول عليه بذكر الآية {رُوحُ الْقُدُسِ} (٧) أي جبريل والقدس التطهير والمعنى: نزله الروح المطهر من أدناس البشرية فهو من إضافة


(١) سورة النحل الآية ١٠١
(٢) سورة النحل الآية ١٠١
(٣) تفسير أبي السعود ج٣ ص٤٠٠ - ٤٠١.
(٤) سورة النحل الآية ١٠١
(٥) سورة النحل الآية ١٠١
(٦) سورة النحل الآية ١٠٢
(٧) سورة النحل الآية ١٠٢