للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويلحق بالماء والكلأ والنار والملح التي ذكرت في الأحاديث واعتبرت ملكية عامة زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ما يجد في هذا الزمان من ثروات طبيعية لا دخل للناس في إيجادها وضرورية لهم بحيث تتعلق بها مصلحة الجماعة. وقد ذكر الفقهاء بعض الأعيان التي لا يجوز أن تملك ملكية خاصة.

يقول ابن قدامة: (وأما المعادن الجارية كالقار والنفط والماء فهل يملكها من ظهرت في ملكه. فيه روايتان أظهرهما لا يملكها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار (١)» رواه الخلال ولأنها ليست من أجزاء الأرض فلم يملكها بملك الأرض كالكنز. . .) (٢) وقد ذهب المالكية في أحد القولين إلى أن المعادن سواء كانت جارية أو غير جارية لا تملك ملكية خاصة حتى وإن كانت في أرض مملوكة ملكية خاصة (٣).

وإذا تعارضت المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة قدم الإسلام المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وهذا الأمر يتمشى مع عدالة التوزيع التي شرعها الإسلام في أحكامه حتى لا تكون هناك مشكلة اقتصادية.

والدليل على تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في الإسلام:

أ - ما سبق ذكره في أن الإسلام يمنع الملكية الخاصة في بعض الثروات الطبيعية التي لا دخل للإنسان في ايجادها وتتعلق بها مصلحتهم كالماء والكلأ والنار والملح. على تفصيل في هذه المسألة كما سبق ذكره.

ب - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن التلقي وأن يبيع حاضر لباد (٤)». مع أن في ذلك مصلحة خاصة للبادي وللسمسار الذي يبيع له إذا كان ذلك بطريق الوكالة ومع ذلك قدمت مصلحة أهل الحضر عامة.

جـ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الله بريء من المحتكر زجرا له عن الاحتكار تقديما لمصلحة المسلمين عامة على مصلحة المحتكر فقال عليه السلام: «من احتكر


(١) سنن أبو داود البيوع (٣٤٧٧)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٦٤).
(٢) المغني لابن قدامة. انظر نيل الأوطار ٥/ ٥٧٣
(٣) المقدمات الممهدات لابن رشد ٢/ ٢٢٤ - ٢٢٥
(٤) رواه البخاري في كتاب البيوع باب النهي عن تلقي الركبان ٣/ ٢٨