وهؤلاء جميعا كانوا يعلمون أن نبيا سيأتي في آخر الزمان من ولد إسماعيل لورود ذلك في كتبهم فما إن أظهر الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نظروا في أوصافه وتأملوها فعلموا أن تلك الأوصاف الواردة في كتبهم تمام الانطباق عليه صلى الله عليه وسلم.
٣ - عدم تحذير الأنبياء السابقين منه.
لا شك أن الأنبياء السابقين حذروا أممهم من الفتن حتى يأخذوا حذرهم فلا يقعوا فيها. ومعلوم أن ظهوره صلى الله عليه وسلم وإبطاله جميع الشرائع السابقة عند أهل الكتاب، وتصحيح تصوراتهم الاعتقادية، وقتالهم، واتهامهم بالتحريف لكتبهم وتكفيره لهم، ومحاربته لطواغيت الأرض وكسر شوكتهم ونشر دينه في ممالكهم ليعد أكبر حدث في العالم، فلو لم يكن رسولا نبيا فلو لم يحذر منه أنبياء بني إسرائيل أممهم كما حذروا من الفتن الأخرى كفتنة الدجال مع أن مكث الدجال في الأرض يكون لفترة قصيرة، ودين محمد صلى الله عليه وسلم لا يزال قائما منذ أربعة عشر قرنا.
ولو كان في كتبهم أدنى تحذير منه، أو ذكر له بالذم لكان ذلك من أعظم ما يحتجون به عليه في حياته وعلى أمته بعد مماته. ولما لم يقل أحد إن في كتبهم التحذير منه أو الذم له - مع أن فيها التنبيه والتحذير على أقل من ذلك بكثير - علم أنه رسول صادق.
٤ - النصوص الموجودة في كتبهم تبشر به صلى الله عليه وسلم.
من المعلوم أن كتب أهل الكتاب قد لحقها التغيير والتبديل ومع هذا نجد البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم حيث جاء فيها ذكر أوصافه، وجميل سيرته، وبلده، وصفة أصحابه، وصلاح أمته وأنه من ولد إسماعيل. . إلى غير ذلك مما جاء في كتبهم الموجودة بين أيديهم الآن.