الإسلامي، وتعطيل لهذه الثروة التي هي خير تراث ورثناه عن السلف الصالح، وفي ذلك أيضا مخالفة صريحة لما دل عليه كتاب الله تعالى من وجوب الرجوع فيما اختلف فيه من الأحكام إلى الكتاب والسنة، وإن عدم الرد إليهما عند الاختلاف ينافي الإيمان بالله تعالى قال سبحانه:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}(١).
٣ - إن الإلزام بما يدون يفضي إلى نفس النتيجة التي وصل إليها من سبقنا إلى هذه التجربة من الدول الإسلامية المتأخرة، فقد جربوا هذا التقنين وألزموا القضاة العمل به فلم يأتهم بخير، ولم يرفع اختلاف القضاة في الأحكام، وإنما أدى بهم إلى الحكم بالقوانين الوضعية فيما عدا الأحوال الشخصية، وبعض العقوبات - فسدا لذريعة الفساد، ومحافظة على البقاء في التحاكم على شريعة الله، وإبقاء على إظهار شعار أمتنا الإسلامية يجب علينا أن نفكر في طريق آخر للإصلاح سليم من العواقب الوخيمة.
٤ - إن إيجاد كتاب يشمل على قول واحد هو الراجح في نظر من اختاره يكون موحد الأرقام مسلسل المواد لا يمكن أن يقضي على الخلاف، ويوجد الاتفاق في الأحكام في كل القضايا لاختلاف القضاة في مداركهم وفي فهم المواد العلمية، ومدي انطباقها على القضايا التي ترفع لهم، ولاختلاف ظروف القضايا وما يحيط بها من أمارات ويحف بها من أحوال، فقد اختلف الناس في مدلول بعض النصوص الشرعية من الكتاب والسنة مع وضوحها وجلائها وعلم مصدرها الذي ليس علمه كعلم من يختار القول الراجح المراد.
٥ - المحاكم المدنية في الدول التي تحكم بالقوانين الوضعية دونت قوانينها على هيئة مواد موحدة مسلسلة الأرقام، ومع ذلك اختلفت أحكام قضاتها، ووقع في بعضها التناقص والخطأ، واستؤنف بعض الأحكام فنقض في محاكم الاستئناف فلم يكن ذلك التنظيم والإلزام به مانعا من الخطأ