للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن في أمتي أحد فإنه عمر (١)» وفي رواية ذكرها تعليقا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يتكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر (٢)» وأخرج مسلم من حديث أبي سلمة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قد كان في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر بن الخطاب (٣)»، وعنده قال ابن وهب محدثون " ملهمون "، وقال الترمذي عن ابن عيينه: قال يعني مفهمين، وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وزاد فيه «يا رسول الله، كيف محدث؟ قال: " الملائكة على لسانه»، والله أعلم.

فصل: قال ابن رجب في آخر كتابه: اعلم أن ما قضى به عمر على قسمين:

أحدهما: ما لا يعلم للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيه قضاء بالكلية، وهذا على نوعين:

ما جمع فيه عمر الصحابة وشاورهم فيه فأجمعوا معه عليه؛ فهذا لا يشك أنه الحق كهذه المسألة، والعمريتين، وكقضائه فيمن جامع في إحرامه أنه يمضي في نسكه وعليه القضاء والهدي ومسائل كثيرة.

الثاني: ما لم يجمع الصحابة فيه مع عمر بل مختلفين فيه في زمنه، وهذا يسوع فيه الاختلاف كمسائل الجد مع الإخوة.

ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه قضاء بخلاف قضاء عمر، وهو على أربعة أنواع:

أحدهما: ما رجع فيه عمر إلى قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا لا عبرة فيه بقول عمر الأول.

الثاني: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه حكمان، أحدهما: ما وافق لقضاء عمر؛ فإن الناسخ من النصين ما عمل به عمر.

الثالث: ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رخص في أنواع من جنس العبادات، فيختار عمر للناس ما هو الأفضل والأصلح ويلزمهم به، فهذا يمنع من العمل بغير ما اختاره.

الرابع: ما كان قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلة، فزالت العلة فزال الحكم بزوالها ووجد ما نع يمنع من ذلك الحكم.

قال: فهذه المسألة، إما أن تكون من الثاني، وإما أن تكون من الرابع.


(١) صحيح البخاري المناقب (٣٦٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٣٩).
(٢) صحيح البخاري المناقب (٣٦٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٣٩).
(٣) صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٣٩٨)، سنن الترمذي المناقب (٣٦٩٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٥٥).