للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر واحدة؟

فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم (١)» وفي لفظ لأبي داود: «أن رجلا يقال له أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدر من إمارة عمر - رضي الله عنهما - فقال ابن عباس: بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدر من إمارة عمر - رضي الله عنهما - فلما رأى الناس قد تتابعوه فيها قال: أجروهن عليهم (٢)»، هكذا في هذه الرواية قبل أن يدخل بها.

وفي مستدرك الحاكم من حديث عبد الله بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، «أن أبا الجوزاء أتى ابن عباس فقال: أتعلم أن الثلاث كن يرددن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى واحدة؟ قال: نعم (٣)»، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وهذه غير طريق طاوس عن أبي الصهباء، وقد أجاب القائلون بأن الثلاث بلفظ واحد تقع ثلاثا عن حديث ابن عباس بأجوبة:

الجواب الأول: أنه منسوخ، وهو قول الشافعي وأبي داود والطحاوي.

قال الشافعي: بعد سياقه لحديث أبي الصهباء وأثر ابن عباس في الذي طلق امرأته ألفا وأفتاه بوقوع الثلاث، والذي طلق مائة وقد سبقت، قال بعد ذلك: فإن كان معنى قول ابن عباس أن الثلاث كانت تحسب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة يعني أنه بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فالذي يشبه - والله أعلم - أن يكون ابن عباس قد علم أن كان شيئا فنسخ (٤).

فإن قيل: فما دل على ما وصفت؟ قيل: لا يشبه أن يكون يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ثم يخالفه بشيء لم يعلمه كان من النبي فيه خلافه.

فإن قيل: فلعل هذا شيء روي عن عمر فقال فيه ابن عباس بقول عمر، قيل: قد علمنا أن ابن عباس يخالف عمر في نكاح المتعة، وبيع الدينار بالدينارين، وفي بيع أمهات الأولاد وغيره، فكيف يوافقه في شيء يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه خلافه؟

فإن قيل: فلم يذكره؟

قيل: فقد يسأل الرجل عن الشيء فيجيب فيه ولا ينقص فيه الجواب، ويأتي على الشيء ويكون جائزا له كما يجوز له، لو قيل: أصلى الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس؟ أن يقول نعم، وإن لم يقل ثم حولت القبلة.


(١) صحيح مسلم الطلاق (١٤٧٢)، سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٩).
(٢) سنن النسائي الطلاق (٣٤٠٦)، سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٩).
(٣) صحيح مسلم الطلاق (١٤٧٢)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٠٦)، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٠٠).
(٤) الأم - اختلاف الحديث: ٧/ ٣٠٥ - ٣١٠.