للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما أحاديث الشفاعة التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم فإنها مخرجة في الكتب الصحيحة، وإنها تخالف ما جاء عند النصارى فيما يختص بسيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام تمام الاختلاف، لذا فإني سوف أورد هنا ما جاء في السنة الصحيحة عن الشفاعة، وما جاء في أسفار أعمال الرسل من أقوال حول هذا الموضوع ليتضح لنا فساد ما ساقه موريس سيل من افتراء حول تشابه الحديث الشريف مع ما جاء في تلك الأسفار.

أخرج الإمام البخاري بسنده من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى عامة الناس (١)».

قال العيني: الشفاعة هي سؤال فعل الخير وترك الضرر عن الغير على سبيل الضراعة. وذكر الأزهري في تهذيبه عن المبرد: يغلب أن الشفاعة الدعاء، والشفاعة كلام الشفيع لملك عند حاجة يسألها لغيره. . وقال ابن دقيق العيد: الأقرب أن اللام فيه للعهد، والمراد الشفاعة العظمى في إراحة الناس من هول الموقف، ولا خلاف في وقوعها، وقيل الشفاعة التي اختص بها: أنه لا يرد فيما يسأل، وقيل الشفاعة لخروج من في قلبه ذرة من إيمان من النار، وقيل: في رفع الدرجات في الجنة، وقيل: قوم استوجبوا النار فيشفع في عدم دخولهم إياها. وقيل: إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهي أيضا مختصة به صلى الله عليه وسلم " (٢).

أما ما جاء في سفر أعمال الرسل حول موضوع شفاعة عيسى ابن مريم ففيه


(١) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة ٤/ ٧ (من صحيح البخاري بشرحه عمدة القارئ). وانظر ما أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (ووجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ١٣/ ٢٤٣ (من صحيح البخاري بشرحه فتح الباري).
(٢) عمدة القارئ ١١٠.