وقد يرد على هذا التفصيل إيراد خلاصته أن الشريعة الإسلامية لا تفرق في الحكم بين متماثلين، فكيف يتم لنا وجاهة التفريق في الحكم بين زكاة أسهم يملكها أحد الأفراد، وبين زكاة أسهم أخرى من نفس النوع يملكها فرد آخر، ويكون لهذا التفريق أثر كبير في المقدار الواجب فيها من الزكاة، كأن يملك زيد من الناس ألف سهم في شركة تجارية، قيمة السهم السوقية فيها ألف (١٠٠٠) ريال غرضه من التملك أن تكون عروض تجارة مهيأة للبيع والشراء، يشتريها اليوم ليبيعها غدا أو بعد غد ليشتري بدلها أسهما أخرى غيرها، فإذا وجبت الزكاة فيها وهي في ملكه أخرج زكاتها ربع العشر من كامل قيمتها السوقية، أي خمسة وعشرين ألف ريال.
وعمرو من الناس يملك ألف سهم من الشركة نفسها، غرضه من التملك الاستمرار فيه وأخذ العائد الدوري، وقيمة السهم الحقيقية من واقع تقويم الشركة خمسمائة (٥٠٠) ريال، فإذا وجبت الزكاة فيها وهي في ملكه أخرج زكاتها باعتبار قيمتها الحقيقية ربع العشر ومقداره اثنا عشر ألفا وخمسمائة (١٢٥٠٠) ريال.
ومن هذا المثال يتضح أن الاثنين- زيدا وعمرا- متفقان في مقدار الأسهم وفي نوعها، ومع ذلك يخرج أحدهما زكاه ما يملكه من هذه الأسهم بمقدار ضعف ما يخرجه الثاني، فهذا تفريق بين متماثلين.
والجواب عن هذا الإيراد أن للنية والتصرف وفق النية أثرا في تميز الحكم، فلو افترضنا أن محمدا من الناس عنده ثلاث قطع من الأراضي متجاورات ومتساوية في المساحة والرغبة والقيمة، باعها على ثلاثة أشخاص أحدهم محمود اشترى منه القطعة الأولى بمائة ألف (٠٠٠. ١٠٠) ريال لغرض بنائها مسكنا يسكنه، والثاني حامد اشترى منه القطعة الثانية بمائة ألف (٠٠٠. ١٠٠) ريال لغرض تأجيرها، والثالث أحمد اشترى منه القطعة الثالثة بمائة ألف (٠٠٠. ١٠٠) ريال لغرض المتاجرة فيها عرضا من عروض التجارة.