فهؤلاء الثلاثة متفقون في التملك وفي قيمة العين المملوكة وفي مساحتها وموقعها، إلا أن لكل واحد منهم نية في التملك تخالف نية أخويه، ولهذه النية ما تستحقه من النظر الشرعي في وجوب الزكاة وفي مقدارها وفي سقوطها.
فالأرض التي اشتراها محمود في هذا المثال لا زكاة فيها، لأنه لم يتملكها بنية التجارة ولا الاستغلال، والأرض التي اشتراها حامد تجب الزكاة في غلتها إذا حال عليها الحول، حيث إنه تملكها بنية الاستغلال على سبيل الكراء، والأرض التي اشتراها أحمد تجب الزكاة في قيمتها وقت وجوب الزكاة فيها، حيث إنه تملكها بنية التجارة، فهؤلاء ثلاثة أفراد تملكوا ثلاث قطع من الأرض بقيم متساوية وفي موقع واحد ومساحة متفقة، وحيث إن لكل واحد منهم نية وغرضا في التملك لا تتفق مع نية أخويه، فقد اختلف الحكم في الزكاة فيها، سقوطا ومقدارا.
وهذا قول عامة أهل العلم، ومنهم سماحة شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية سابقا- رحمه الله- فقد جاء في فتاواه ورسائله ما نصه:
الأرض المشتراة المعدة للتجارة هذه عروض تجارة تجب فيها الزكاة في قيمتها إذا حال عليها الحول وبلغت نصابا. اهـ. الفتوى رقم ١٠٣٤ ج٤ ص١٠١.
وقال إجابة عن سؤال رجل يملك بيتا للسكنى ثم بعد ذلك أجره فهل تجب الزكاة في قيمته أو في أجرته، قال ما نصه:
لا تجب الزكاة في قيمته لأنه لم ينو بيعه وشراءه، ولا تجب في أجرته لأنه لم ينو بها الاتجار بطريق الأجرة إلا بعد ما ملكه بمدة، والأصل عدم وجوبها فيه، وهذه النية لا تقوى على رفع الأصل، لكن هذا المال الذي قبضه تجب فيه الزكاة بعد تمام الحول من وقت استحقاقه. اهـ. الفتوى رقم ١٠٣٦ ج٤ صح ١٠٣.