فاتضح مما ذكر أعلاه أن ما لم يعد للبيع لا زكاة فيه من العقار والمكائن والآلات والدور والفنادق والمراكب وغيرها. اهـ. الفتوى رقم ١٠٤٣ ج٤ ص١٠٧.
ونظرا إلى أن التفريق في الحكم في وجوب الزكاة وفي سقوطها وفي مقدارها تبعا للنية في التملك من الوضوح بحال متميزة، فقد لا نحتاج إلى مزيد نصوص من أقوال أهل العلم في تقرير ذلك، ويبقى من الإيراد الاستشكال في وجاهة التفريق بين وجوب الزكاة في أسهم شركة تجارية يملكها أحد الناس بنية الاستمرار في التملك، وبين وجوبها في أسهم من نفس الشركة يملكها فرد آخر منهم بنية المتاجرة فيها بيعا وشراء، والحال أن الزكاة واجبة في هذه الشركة في كامل قيمتها رأسمالها وأرباحها واحتياطياتها بعد حسم مصاريفها الإدارية وأصولها الثابتة التي ليست محلا للتجارة والتداول، حيث إن الزكاة واجبة في أسهم الأول باعتبار قيمها الحقيقية، وواجبة في أسهم الثاني باعتبار قيمتها السوقية.
وقد يكون هناك فرق كبير بين القيمتين، القيمة الحقيقية، والقيمة السوقية، والحال أن الزكاة في الجميع واجبة في القيمة لا في الغلة، ولا شك أن هذا الإيراد له وجاهة، وقد سبقت الإجابة عنه في معرض توجيه القول باعتبار التفريق بين القيمتين في تقدير الزكاة الواجبة على هذه الأسهم، وقلنا: إن من يملكها على سبيل الاستمرار في تملكها لا ينتفع بالفرق بين القيمة الحقيقية والقيمة السوقية، وقلنا: إن الزكاة في الأصل واجبة في الأموال المحسوسة، والقيمة السوقية تشتمل على قيمة اعتبارية ليس لها مقابل عيني محسوس ينتفع به ويحاسب عليه في زيادة حجم المال الزكوي. أما من يملكها على سبيل المتاجرة فيها بيعا وشراء يشتريها اليوم ليبيعها غدا أو بعد غد، ويبيعها ليشتري غيرها وهكذا، قصده ونيته الحركة في التملك والتداول في البيع والشراء. فإن هذا النوع من الناس لا يستطيع البيع والشراء إلا باعتبار القيمة السوقية لهذه