للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيه عن جده، «أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - رد ابنته على ابن أبي العاص بمهر جديد، ونكاح جديد (١)» هذا حديث ضعيف أو قال واه، لم يسمعه الحجاج عن عمرو بن شعيب، وإنما سمعه من محمد بن عبد الله العزرمي، والعزرمي لا يساوي حديثه شيئا، والحديث الذي رواه أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أقرها على النكاح الأول، وإسناده عنده هو إسناد حديث ركانة بن عبد يزيد؟ هذا وقد قال الترمذي فيه: ليس بإسناده بأس، فهذا إسناد صحيح عند أحمد، وليس به بأس عند الترمذي فهو حجة ما لم يعارضه ما هو أقوى منه، فكيف إذا عضده ما هو نظيره أو أقوى منه؟ ثم ساق رواية أبي داود وستأتي وهي الدليل الثالث، ثم قال ابن القيم: قال شيخنا - رضي الله عنه - وأبو داود لما لم يرو في سننه الحديث الذي في مسند أحمد يعني الذي ذكرناه آنفا، فقال: حديث ألبتة أصح من حديث ابن جريج أن ركانة طلق امرأته ثلاثا؛ لأنهم أهل بيته، ولكن الأئمة الأكابر العارفين بعلل الحديث والفقه كالإمام أحمد وأبي عبيد والبخاري ضعفوا حديث ألبتة وبينوا أنه رواية قوم مجاهيل لم تعرف عدالتهم وضبطهم، وأحمد أثبت حديث الثلاث وبين أنه الصواب، وقال حديث ركانة لا يثبت أنه طلق امرأته ألبتة وفي رواية عنه: حديث ركانة في ألبتة ليس بشيء؛ لأن ابن إسحاق يرويه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن ركانة طلق امرأته ثلاثا وأهل المدينة يسمون الثلاثة ألبتة. قال الأثرم: قلت لأحمد حديث ركانة في ألبتة فضعفه، انتهى.

وقد سبق الكلام على رواية الإمام أحمد لحديث ركانة، وكذلك رواية الزبير بن سعيد، ورواية نافع بن عجير عند الكلام على الدليل الخامس لمذهب الجمهور في المسألة الثانية.

الدليل الثالث: قال أبو داود حدثنا أحمد بن صالح، قال حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج، قال أخبرني بعض بني أبي رافع، مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عكرمة مولى ابن عباس قال: «طلق يزيد أبو ركانة وإخوته أم ركانة ونكح امرأة من مزينة فجاءت النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة لشعرة أخذتها من رأسها ففرق بيني وبينه فأخذت النبي - صلى الله عليه وسلم - حمية فدعى بركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه: " أترون فلانا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد، وفلانا لابنه الآخر يشبه منه كذا وكذا؟ " قالوا: نعم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد يزيد " طلقها " ففعل فقال: " راجع امرأتك أم ركانة وإخوته " فقال: إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله، قال: وتلا (٣)».

وقد سبقت مناقشة رواية أبي داود عند الكلام على الدليل الخامس لمذهب الجمهور في المسألة الثانية فاكتفي بما هناك عن إعادته هنا.


(١) سنن الترمذي النكاح (١١٤٢)، سنن ابن ماجه النكاح (٢٠١٠).
(٢) سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٦).
(٣) سورة الطلاق الآية ١ (٢) {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}