للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل فيه التنكيل والتبكيت، ولو كان ذلك على سبيل الحد لبينه بيانا واضحا قال: فلما كثر الشراب في عهد عمر استشار الصحابة، ولو كان عندهم عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء محدود لما تجاوزوه كما لم يتجاوزوا حد القذف ولو كثر القاذفون وبالغوا في الفحش، فلما اقتضى رأيهم أن يجعلوه كحد القذف، واستدل علي بما ذكر من أن في تعاطيه ما يؤدي إلى وجود القذف غالبا أو إلى ما يشبه القذف، ثم رجع إلى الوقوف عند تقدير ما وقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، دل على صحة ما قلناه، لأن الروايات في التحديد بأربعين اختلفت عن أنس وكذا عن علي، فالأولى ألا يتجاوز أقل ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم ضربه، لأنه المحقق سواء كان ذلك حدا أو تعزيرا.

الثاني: أن الحد فيه أربعون ولا تجوز الزيادة عليها.

الثالث: مثله لكن للإمام أن يبلغ به الثمانين وهل تكون الزيادة من تمام الحد أو تعزيرا قولان.

الرابع: أنه ثمانون ولا تجوز الزيادة عليها.

الخامس: أنه ثمانون وتجوز الزيادة تعزيرا.

السادس: إن شرب فجلد ثلاث مرات فعاد الرابعة وجب قتله، وقيل إن شرب أربعا فعاد الخامسة وجب قتله.

وقد جمع القرطبي رحمه الله بين الأخبار الواردة في عدم معاقبة شارب الخمر بشيء والواردة في معاقبته حدا أو تعزيرا فقال رحمه الله:

"لم يكن أولا في شرب الخمر حد وعلى ذلك يحمل حديث ابن عباس السابق في الذي استجار بالعباس، ثم شرع فيه التعزير على ما في سائر الأحاديث التي لا تقدير فيها، ثم شرع الحد ولم يطلع أكثرهم على تعيينه صريحا مع اعتقادهم أن فيه الحد المعين ومن ثم توخى أبو بكر ما فعل بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فاستقر عليه الأمر ثم رأى عمر ومن وافقه الزيادة على الأربعين إما حدا بطريق الاستنباط وإما تعزيرا ".