للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما كان عليه قبل الزموا بالثلاث عقوبة لهم، ونظير هذا كله تتغير فيه الفتوى بتغير الأحوال والأزمان والأمكنة كالعقوبة في الخمر، والتفريق بين الذين خلفوا ونسائهم، وقتال علي لبعض أهل القبلة متأولا، ولم يكن الإمضاء شرعا مستمرا إنما كان رهن ظروفه (١).

وأجيب ثانيا: بتأويل حديث طاوس عن ابن عباس بأن الطلاق الذي كان الناس يوقعونه واحدة في عهده - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر اعتادوا إيقاعه بعد ذلك ثلاثا، ويشهد لهذا قول عمر - رضي الله عنه -: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة. الخ.

ونوقش بأنه تأويل يخالف الواقع في العهود الثلاثة الأولى، فإن الطلاق ثلاثا جملة قد وقع فيها من الصحابة كما تقدم في حديث محمود بن لبيد، وحديث اللعان، وكما يأتي في حديث ركانة، وأيضا يمنع منه ما ورد في بعض روايات الحديث من أنها جعلت واحدة أو ردت إلى الواحدة (٢).

وأجيب ثالثا: بحمل الحديث على غير المدخول بها بدليل ذكر ذلك في الرواية الأخرى، فإن الزوج إذا قال لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، بانت بالأولى، فكانت الثلاث واحدة، ونوقش هذا ولم يزل ماضيا، ولم يتقيد بعهد ولا زمان، وما نحن فيه تغير حكمه في أيام عمر - رضي الله عنه - عما كان عليه قبل، وقد وجه بعضهم الجواب بتوجيه آخر، وهو أن زوجها إذا قال لها: أنت طالق ثلاثا بانت بقوله أنت طالق، ولغي قوله: ثلاثا، ونوقش بأنه كلام متصل، فكيف يفصل بعضه من بعض ويحكم لكل بحكم؟

ونوقش أصل الجواب بأن حديث طاوس نفسه عن ابن عباس مطلق ليس فيه ذكر لغير المدخول بها، وجواب ابن عباس في الرواية الأخرى وارد على سؤال أبي الصهباء عن تطليق غير المدخول بها ثلاثا، فخص ابن عباس غير المدخول بها ليطابق الجواب السؤال، ومثل هذا ليس له مفهوم مخالفة (٣).

وأجيب رابعا: بأن جعل الثلاث واحدة لم يكن عن علم منه - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أمره وإلا ما استحل ابن عباس أن يفي بخلافه.

ونوقش بأن جماهير المحدثين على أن ما أسنده الصحابي إلى عهده - صلى الله عليه وسلم - له حكم، فإنه على تقدير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم بذلك يستبعد أن يفعله الصحابة وهم خير الخلق، ولا يعلمه - صلى الله عليه وسلم - والوحي ينزل، ثم كيف يستمر العمل من الأمة على خطأ في عهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر، والأمة معصومة من إجماعها على الخطأ (٤).

وأجيب خامسا: يحمل الحديث على صورة تكرير لفظ الطلاق، فإنه يعتبر واحدة مع قصد التوكيد،


(١) ص - من البحث.
(٢) ص - من البحث.
(٣) ص - من البحث.
(٤) ص - من البحث.