للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالنسخ.

ويقول في الأمر الثاني: أنه لا مانع من ثبوت القول بجعل الثلاث، بلفظ واحد عن كل من ابن عباس وعكرمة، وعلى تقدير تعارض الروايتين بالنفي والإثبات، فالمثبت مقدم على النافي، على أن حماد بن زيد أثبت في أيوب من كل من روى عن أيوب كما قال يحيى بن معين، فيقدم على إسماعيل بن إبراهيم (١).

وأجيب سابعا: بأن المراد بالطلاق الثلاث في الحديث لفظ ألبتة لاشتهارها في الثلاث عند أهل المدينة، فرواه بعض رواته بالمعنى فعبر بالثلاث بدلا من ألبتة، وفي هذا جمع بين الروايات، وكان يراد بها واحدة كما أراد بها ركانة، فلما تتابع الناس في إرادة الثلاث بها ألزمهم إياها عمر - رضي الله عنه - ونظيره زيادته الضرب في شرب الخمر حين تتابع الناس فيه (٢).

وقد يقال: إن هذا تأويل على خلاف الظاهر بلا دليل، وأيضا تقدم في كلام الشافعي أن كلمة ألبتة مستحدثة (٣).

وعلى ذلك لا يجوز حمل لفظ الطلاق الثلاث في الحديث عليها.

وأجيب ثامنا: بأنه حديث شاذ؛ لانفراد طاوس به عن ابن عباس، وانفراد الراوي بالحديث - وإن كان ثقة - علة توجب التوقف فيه إذ لم يرو معناه من وجه يصح (٤).

ونوقش بأن مجرد انفراد الثقة برواية الحديث ليس علة توجب رده أو التوقف، ولا يسمى هذا شذوذا عند علماء الحديث إنما الشذوذ يكون علة في رد الحديث، هو أن يخالف الثقة الثقاة مخالفة لا يمكن معها الجمع ولم يخالف طاوس في رواية هذا الحديث أحدا من الرواة الثقاة، عن ابن عباس في هذا الموضوع، وإنما وقعت المخالفة بين ما رواه وما أفتى به، وقد مضى الكلام في ذلك (٥)، لكن لقائل أن يقول: إن استمرار العمل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر بجعل الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة وتغيير عمر، لذلك على علم من الصحابة مما تتوفر الدواعي على نقله، فنقله آحادا يوجب رده، اللهم إلا أن يحمل الحديث على ما تقدم من أن الطلاق كان على وجه التكرار مع قصد التأكيد، أو قد كان بلفظ ألبتة فاختلف الحكم فيه باختلاف النية (٦).

وقد يناقش ألا يراد بمنع أن يكون ما ذكره مما تتوفر الدواعي على نقله، وأنه على تقدير أن يكون من


(١) تهذيب التهذيب.
(٢) ص - من البحث.
(٣) ص - من البحث.
(٤) ص - من البحث.
(٥) ص - من البحث.
(٦) ص - من البحث.