للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي لأن ضررها متعد وهو ذنب لا يتاب منه وهي مخالفة لدعوة الرسل. ودعاء إلى خلاف ما جاءوا به، فإذا نال منه البدعة وجعله من أهلها، صار نائبا له وداعيا من دعاته، وإن عجز من هذه المرتبة نقله إلى (المرتبة الثالثة) وهي الكبائر على اختلاف أنواعها. فهو أشد حرصا على أن يوقعه فيها، ولا سيما إن كان عالما متبوعا فهو حريص على ذلك لينفر الناس منه ثم يشيع من ذنوبه في الناس ويستنيب منهم من يشيعها تقربا (١) - بزعمه - إلى الله - وهو نائب إبليس ولا يشعر، فإن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم هذا إذا أحبوا إشاعتها فكيف إذا تولوا هم إشاعتها، فإن عجز عن هذه المرتبة نقله إلى (المرتبة الرابعة) وهي الصغائر التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاحبها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحقرات الذنوب فإن مثل ذلك مثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض (٢)» وذكر حديثا معناه أن كل واحد منهم جاء بعود حطب حتى أوقدوا نارا عظيمة فطبخوا.

ولا يزال يسهل عليه أمر الصغائر حتى يستهين بها، فيكون صاحب


(١) وما أكثر الذين يخوضون في أعراض العلماء في مجالس العامة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
(٢) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٠٣).