للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بزراعة المثمر وغير المثمر، وذلك لحصول الانتفاع للحيوان، والطير، والدواب، بل لحصول النفع للإنسان من جهة أخرى غير الأكل، فيقاس على الأكل ما ينتفع من الأشجار والمزروعات من تنزه، وتجميل للبيئة، أو تمتع برؤيتها، واستظلال بظلها، أو ما تحققه من منافع أخرى كثيرة كتطييب المناخ، وحفظ للتربة، وصد للغبار والأتربة وتنقية للهواء من التلوث، وكذلك ما يستفاد منها في أغراض الصناعة كصناعة الورق، والثقاب، وصناعة الأخشاب المختلفة المتعددة الأغراض.

والزرع في هذه الأحاديث المتقدمة المراد به ما يستنبته الإنسان من مزروعات مختلفة مما يتغذى منه أو مما يتغذى عليه الحيوان والطير كالقمح والأرز، والذرة، والبقول، والخضروات، وكالشعير والبرسيم والحشائش المتنوعة ويحصل الأجر للمزارع ولو كان الأكل منه على وجه الغصب أو الانتهاب أو السرقة أو الاعتداء، فضلا عن الإطعام.

ويدل لذلك ما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه دخل على أم مبشر الأنصارية - وهي زوج زيد بن حارثة - في نخل لها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر؟ فقالت: بل مسلم فقال: لا يغرس مسلم غرسا، ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة، ولاشيء إلا كانت له صدقة (١)»، وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة، وما أكل السبع فهو له صدقة، وما أكلت الطير فهو له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة (٢)».

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يغرس مسلم غرسا، ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان


(١) صحيح مسلم المساقاة (١٥٥٢)، سنن الدارمي البيوع (٢٦١٠).
(٢) أخرجهما مسلم (المساقاة ٣/ ١٨٨).