للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم» رواه الشيخان وغيرهما «ولما جالسه النبي صلى الله عليه وسلم بسط له رداءه وقال: إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه (١)».

وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خرجت مع جرير في سفر، فكان يخدمني، فقلت له: لا تفعل فقال: إني رأيت الأنصار تصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء آليت ألا أصحب أحدا منهم إلا خدمته (٢)»، وكان جرير أكبر من أنس رضي الله عنهما (٣).

وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: جرير منا أهل البيت (٤) ومناقبه كثيرة ومن مستطرفاتها أنه اشترى له وكيله فرسا بثلاثمائة درهم، فرآها جرير فتخيل أنها تساوي أربعمائة، فقال لصاحبها: تبيعها بأربعمائة؟ قال: نعم ثم تخيل أنها تساوي خمسمائة، فقال: أتبيعها بخمسمائة، قال: نعم، ثم تخيل أنها تساوي ثمانمائة ثم سبعمائة ثم ثمانمائة، فاشتراها بثمانمائة (٥).

وبلغ مقدار حبه لقومه بجيلة، أن حصل على وعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمعهم له وكانوا أشتاتا بين القبائل العربية الأخرى، فاستنجز أبا بكر الصديق رضي الله عنه هذا الوعد، إلا أن ظروفه لم تساعده على إنجازه، فطالب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإنجازه، فجمعهم له وسيرهم إلى العراق بقيادته لحرب الفرس.

وكان يثق بنفسه ويعرف لها قدرها ولا يتخلى عن حق من حقوقها، فقد أراد عمر بن الخطاب أن يؤثر عرفجة بن هرثمة البارقي (٦) على بجيلة ليسيرهم


(١) البداية والنهاية (٨/ ٥٦).
(٢) صحيح البخاري الجهاد والسير (٢٨٨٨)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٥١٣).
(٣) تهذيب الأسماء واللغات (١/ ١٤٧).
(٤) الإصابة (١/ ٢٤٣).
(٥) تهذيب الأسماء (١/ ٢٤٣).
(٦) عرفجة بن هرثمة البارقي: انظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح العراق والجزيرة (٣٨٧ - ٣٩٤).