للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل الثاني:

ما رواه أبو موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فقد أذنت، وإن أبت لم تكره (١)».

قالوا: الحديثان يدلان بمنطوقهما على أن اليتيمة تستأذن، ويدلان بمفهوم المخالفة على أن غير اليتيمة، وهي ذات الأب، بكرا كانت أو ثيبا لا تستأذن إلا ما أجمع عليه عامة أهل العلم من استئمار الثيب البالغ (٢).

الدليل الثالث:

أن العلة في الإجبار هي الصغر، لقصور عقل الصغير، بدليل أنه غير مخاطب بالتكاليف الشرعية، ولا يصح تصرفه في ماله، وهذه العلة موجودة في الثيب الصغيرة، فيصح إجبارها على النكاح قياسا على البكر الصغيرة وعلى الغلام الصغير (٣)، وعلى القول بأن كلا من الصغر والبكارة علة للإجبار، فإن الحكم إذا ثبت بعلتين مستقلتين فزالت إحداهما ثبت الحكم بالأخرى (٤).

قالوا: والأخبار التي تدل على وجوب استئمار الثيب، وكونها أحق بنفسها من وليها محمولة على الثيب الكبيرة، فإنه جعلها أحق بنفسها من وليها، والصغيرة لا حق لها، لقصور عقلها (٥).

القول الثالث:

أنه يجوز تزويج بنت تسع سنين بإذنها، ولا يجوز تزويجها قبل ذلك، لأن من تم لها تسع سنين لها إذن صحيح، فلا يصح تزويجها بغير إذنها، وهذا القول وجه في مذهب الحنابلة.


(١) رواه الإمام أحمد ٤/ ٤٠٨، والبزار (كشف الأستار كتاب النكاح باب الاستئمار ٢/ ١٦٠، رقم ١٤٢٢)، والدارقطني في النكاح ٣/ ٢٤٢ من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة بن موسى عن أبي موسى به. وهذا إسناد صحيح رجاله رجال الصحيحين. ورواه أحمد ٤/ ٣٩٤، ٤١١، والدارمي في النكاح باب في اليتيمة نزوج نفسها ٢/ ١٨٥، رقم (٢١٨٥)، والبزار (كشف الأستار، الموضع السابق، رقم ١٤٢٣)، وأبو يعلى ١٣/ ٥٣١١، رقم (٧٣٢٧)، وابن حبان في صحيحه الإحسان ٦/ ١٥٥، رقم (٤٠٧٣)، والحاكم في النكاح ٢/ ١٦٦، ١٦٧، وصححه، ووافقه الذهبي وابن أبي شيبة في النكاح باب في اليتيمة من قال: تستأمر في نفسها ٤/ ١٣٩، والبيهقي في الموضعين السابقين، والطحاوي في الموضع السابق، والدارقطني في النكاح ٣/ ٢٤١، ٢٤٢، وابن عبد البر في التمهيد ١٩/ ٩٩، ١٠٠ من طرق عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة به، وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات عدا يونس بن أبي إسحاق، وهو " صدوق يهم قليلا " كما في التقريب ٢/ ٣٨٤. وقال الهيثمي: " رجال أحمد رجال الصحيح " مجمع الزوائد ٤/ ٢٨٠، وصححه الشيخ محمد ناصر الدين، انظر السلسلة الصحيحة ٢/ ٢٦٣، وصححه أيضا الشيخ حسين سليم محقق مسند أبي يعلى.
(٢) بداية المجتهد ١/ ٣٦٦.
(٣) الروايتين والوجهين ٢/ ٨١، المغني ٦/ ٤٩٢.
(٤) عارضة الأحوذي ٥/ ٢٧.
(٥) المغني ٦/ ٤٩٣، بدائع الصنائع ٢/ ٤٥.