للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما يجب على المسلم أن يلح في الدعاء، ويسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (١). وقال جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (٢)، وقال سبحانه وتعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (٣).

فعلينا أن نلح في الدعاء، ولا نستبطئ الإجابة، ولهذا جاء في الحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم أره يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء (٤)».

فلا ينبغي للمؤمن أن يدع الدعاء وإن تأخرت الإجابة، فالله حكيم عليم، في تأخير الإجابة يؤخرها سبحانه لحكم بالغة، حتى يتفطن الإنسان لأسباب التأخير، ويحاسب نفسه، ويجتهد في أسباب القبول من التوبة النصوح، والعناية بالمكسب الحلال، وإقبال القلب على الله وجمعه عليه سبحانه حين الدعاء، إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة، والنتائج المفيدة.

فلو أن كل إنسان يعطى الإجابة في الحال، لفاتت هذه المصالح العظيمة. ومما يوضح ما ذكرنا أن نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام طلب من ربه أن يجمع بينه وبين ولده يوسف، فتأخرت الإجابة مدة طويلة، ومكث يوسف في السجن بضع سنين، والداعي نبي كريم، هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام.

فعلم بذلك أن الله سبحانه له حكم عظيمة، في تأخير الإجابة وتعجيلها، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن


(١) سورة غافر الآية ٦٠
(٢) سورة البقرة الآية ١٨٦
(٣) سورة النساء الآية ٣٢
(٤) صحيح البخاري الدعوات (٦٣٤٠)، صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٧٣٥)، سنن الترمذي الدعوات (٣٣٨٧)، سنن أبو داود الصلاة (١٤٨٤)، سنن ابن ماجه الدعاء (٣٨٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٩٦)، موطأ مالك النداء للصلاة (٤٩٥).