للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيديهما جزاء لهما بعملهما وكسبهما السيء ونكالا وعبرة لغيرهما" (١) وفي إطلاق العلة مع ربطها بالباعث أو الدافع الشخصي للسارق دون ذكر الحكمة ذاتها اكتفاء بذكر أحد مستلزماتها وهو قمع الدافع السيء يقول عبد القادر عوده رحمه الله: "وعلة فرض عقوبة القطع للسرقة أن السارق. . . . . يفعل ذلك ليزيد من قدرته على الإنفاق. . . . ليرتاح من عناء الكد والعمل. . . وقد حاربت الشريعة هذا الدافع في نفس الإنسان بتقرير عقوبة القطع. . . . وهذا يؤدي إلى نقص الثراء. . . . ويدعو إلى شدة الكدح وكثرة العمل والتخوف الشديد من المستقبل " (٢).

أما الشيخ سيد سابق فقد علل مباشرة بالحكمة فقال إن في قطع يد السارق "حكمة بينة إذ اليد الخائنة بمثابة عضو مريض يجب بتره. . . كما أن في قطع يد السارق عبرة" (٣) لغير السارق. وقد ربط صدر الشريعة (٤) بين العلة والحكمة، وجعلهما مترادفين فقال: بعض الناس عرفوا العلة بالباعث، يعنى ما يكون باعثا للشارع على شرع الحكم. . . . فالقتل العمد باعث للشارع على شرع القصاص صيانة للنفوس. . . . والمراد من الحكمة المصلحة. . . . والمراد من كون الباعث مشتملا على الحكمة أن ترتب الحكم على هذه العلة محصل للحكمة، فإن العلة لوجوب القصاص القتل العمد العدوان " وبالتالي لا يتصور اشتمال الباعث على الحكمة إلا بجلب النفع للعباد أو دفع الضر عنهم "وهذا مبني على أن أفعال الله تعالى معللة بمصالح العباد. . . . "

والعلة ترد بمعنى الحكمة في إطلاقين من الإطلاقات الثلاثة للعلة عند الأصوليين. فهم يقولون أولا: إن العلة قد تعني ما يترتب على الفعل من نفع


(١) تفسير المنار للشيخ محمد رشيد رضا، جـ ٦، ص ٣٨٠.
(٢) التشريع الجنائي، ط ٢ م، دار العروبة، ج ٢، ص ٦٢١.
(٣) فقه السنة، ج ٢، دار الكتاب العربي، بيروت، ص ٤٨٥.
(٤) شرح التوضيح ط ١، ج ٢، ص ٣٧٤ وانظر كذلك التلويح على التوضيح مطبعة محمد علي صبيح، ج ٢، ص ١٢٥، ١٢٦.