للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: ترد عليها. . وقد ذكر عبد الرازق عن ابن جريج قال: قال لي عطاء: «أتت امرأة رسول الله - صلى الله تعال عليه وسلم - فقالت يا رسول الله، إني أبغض زوجي، وأحب فراقه قال: " أفتردين عليه حديقته التي أصدقك؟ " قالت: نعم وزيادة من مالي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أما الزيادة من مالك فلا، ولكن الحديقة " قالت: نعم، فقضى بذلك على الزوج (١)» (وهذا - وإن كان مرسلا - فحديث أبي الزبير مقو له، وقد رواه ابن جريج عنهما. . . اهـ (٢).

٤ - أما إذا ادعى كل من الزوجين نشوز صاحبه عليه وخيف الشقاق بينهما كما في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (٣) وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في المراد من الآية فيمن يبعث الحكمين وما صفتهما وهل هما حاكمان لهما الفصل في الخصومة بين الزوجين، أو أنهما وكيلان ينفذ تصرفهما في حدود وكالتهما، أم أنهما جهة نظر يرفعان ما يريانه إثر التحقيق مع الزوجين إلى الحاكم ليتولى نفسه الفصل في خصومتهما؟

وقال ابن جرير رحمه الله في تفسير هذه الآية:

يعنى بقوله جل ثناؤه {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} (٤) وشاقته بقول: عادته، ثم ذكر اختلاف أهل التأويل في المراد بالمخاطبين في هذه الآية ببعث الحكمين فذكر أثرين بسنديهما إلى سعيد بن جبير والضحاك بأن المأمور بذلك السلطان الذي يرفع ذلك إليه. وذكر أثرا بسنده إلى السدي أن المأمور بذلك الرجل والمرأة. وذكر جملة آثار بأسانيدها إلى علي وابن عباس والحسن وقتاده أن المأمور بذلك السلطان غير أنه إنما يبعثهما ليعرفا الظالم من المظلوم منهما ليحملهما على الواجب لكل واحد منهما قبل صاحبه لا التفريق بينهما. ثم ذكر - رحمه الله - اختلاف أهل التأويل فيما يبعث له الحكمان، وما الذي يجوز للحكمين من الحكم بينهما، وكيف وجه بعثهما بينهما؟ فقال بعضهم: يبعثهم الزوجان بتوكيل منهما إياهما بالنظر بينهما وليس لهما أن يعملا شيئا في أمرهما إلا ما وكلاهما به أو وكله كل واحد منهما بما إليه، فيعملان بما وكلهما به من وكلهما من الرجل والمرأة فيما يجوز توكيلهما فيه أو توكيل من وكل منهما في ذلك. وذكر مجموعة آثار بأسانيدها إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وإلى السدي تؤيد القول بأن الحكمين ليس لهما أن يعملا شيئا في أمرهما إلا في حدود ما وكلا به. وقال آخرون: إن الذي يبعث الحكمين السلطان غير أنه يبعثهما ليعرفا الظالم من المظلوم


(١) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٧٣)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٦٣)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٥٦).
(٢) زاد المعاد جـ٤ ص (٦٣ - ٦٧) مطبعة السنة المحمدية.
(٣) سورة النساء الآية ٣٥
(٤) سورة النساء الآية ٣٥