للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أبو عبيدة أن عليا - رضي الله عنه - بعث رجلين فقال لهما: أتدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقال الرجل: أما هذا فلا، فقال: كذبت لا والله ولا تبرح حتى ترضى بكتاب الله عز وجل لك وعليك. فقالت المرأة رضيت بكتاب الله لي وعلي.

ولأنه وقع الشقاق واشتبه الظالم منهما فجاز التفريق بينهما من غير رضاهما كما لو قذفها وتلاعنا. والمتسحب أن يكون حكما من أهله وحكما من أهلها للآية، لأنه روى أنه وقع بين عقيل بن أبي طالب وبين زوجته شقاق وكانت من بني أمية فبعث عثمان - رضي الله تعالى عنه - حكما من أهله وهو ابن عباس - رضي الله تعالى عنه -، وحكما من أهلها وهو معاوية - رضي الله تعالى عنه - ولأن الحكمين من أهلهما أعرف بالحال. وإن كان من غير أهلهما جاز لأنهما في أحد القولين حاكمان، وفي الآخر وكيلان، إلا أنه يحتاج فيه إلى الرأي والنظر في الجمع والتفريق، ولا يكمل لذلك إلا ذكران عدلان. فإن قلنا: إنهما حاكمان لم يجز أن يكونا إلا فقيهين، وإن قلنا: إنهما وكيلان جاز أن يكونا من العامة. اه (١).

والمشهور لدى الحنابلة أنهما وكيلان لا حاكمان قال المرداوي:

اعلم أن الصحيح من المذهب: أن الحكمين وكيلان عن الزوجين لا يرسلان برضاهما وتوكيلهما فإن امتنعا من التوكيل لم يجبرا عليه. قال الزركشي هذا هو المشهور عند الأصحاب، حتى أن القاضي في الجامع الصغير - والشريف أبا جعفر، وابن البنا لم يذكروا فيه خلافا. ورضيه أبو الخطاب. قال في تجريد العناية: هذه أشهر. وقطع به في الوجيز، والمنور ومنتخب الأزجي وغيرهم. . وقدمه في الهداية، والمذهب ومسبوك الذهب، والمستوعب، والخلاصة، والهادي، والمحرر، والرعايتين، والحاوي الصغير، والنظم، والفروع، وغيرهم.

وعنه: أن الزوج إن وكل في الطلاق بعوض أو غيره أو كلت المرأة في بذل العوض برضاها، وإلا جعل الحاكم إليهما ذلك - فهذا يدل على أنهما حكمان يفعلان ما يريان من جمع أو تفريق بعوض أو غيره من غير رضا الزوجين.

قال الزركشي: وهو ظاهر الآية الكريمة. . انتهى. .

واختاره ابن هبيرة والشيخ تقي الدين رحمهما الله. . وهو ظاهر كلام الخرقي قال في الفروع، وأطلقهما في الكافي، والشرح. اهـ (٢).


(١) المهذب ج٢ ص٧٠.
(٢) الإنصاف ج٨ ص٣٨٠ - ٣٨١ الطبعة الأولى.