يتخبطه الشيطان من المس، ويتعرض للمحق؛ فلا يربو قرضه عند الله، وذلك في مقابل الإشارة إلى أن المتصدق ينمو ماله، ويطهر وتتزكى نفسه، فلو انتفى الأثر الضار للربا على المقترض جدلا لبقي الأثر الضار للربا على المقرض.
ثم ما الذي يبرر أن نغفل عن الحكمة في تحريم الربا منع الأثر الضار على المجتمع، وقد أفاضت الكتابات قديما وحديثا في بيان الآثار السلبية للربا على المجتمع، سواء كانت هذه الآثار نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
٦ - لو افترض أن الحكمة من تحريم الربا هي منع استغلال حاجة المحتاج إلى المال، وافترض ارتفاع هذه المفسدة في حالة معينة فإن القول بحل الربا في هذه الحالات يكون مماثلا تماما لقول القائل: إن الحكمة من تحريم الزنا منع اختلاط الأنساب، فإذا ارتفعت هذه المفسدة في حالة معينة، كحالة استعمال منع الحمل، أو كون الرجل عقيما، أو المرأة عاقرا صار الزنا حلالا في هذه الحالات.
٧ - لقد افترضت المحاولة أن الحكمة من منع الربا هي حماية المقترض؛ لأنه الجانب الضعيف المحتاج للحماية، في حين أن المقترض في هذا العصر بنوك وحكومات هو الجانب القوي، أما المقرض فهم صغار المدخرين، فهم الجانب الضعيف المحتاج للحماية، لقد ركزت المحاولة على عملية القرض حينما يكون البنك مقترضا؛ أي متلقيا للودائع، وغفلت عن أن البنك سوف يعود، ولا يزال هو الجانب القوي، فيكون مقرضا، والمقرضون بالنسبة إليه جانب ضعيف، يستغل البنك حاجتهم للقرض، ولولا الحاجة ما اقترضوا.
٨ - إن الحكمة المزعومة وصف غير منضبط، تعتمد في الغالب على النية الباطنة، يتضح هذا بمثال من يقترض لشراء سيارة؛ فقد يشتريها لغرض توصيل أولاده للمدرسة، أو لغرض استعمالها لمتطلبات مؤسسة تجارية، أو لاستخدامها للتأجير، فمتى يعتبر القرض قرض إنتاج لا تتوفر فيه حكمة