للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعلق في مثل السواري سيوفنا ... وما بينها والكعب غوط نفانف

والعجب من هؤلاء النحاة أنهم يستحسنون هذه اللغة بهذين البيتين المجهولين، ولا يستحسنون إثباتها بقراءة حمزة ومجاهد، مع أنهما كانا من أكابر علماء السلف في علم القرآن.

وقد اعترض بعض العلماء على قراءة الجر في " الأرحام "، بأنها فاسدة من جهة المعنى؛ إذ تقضي جواز الحلف بها، فرد الإمام الرازي على ذلك بقوله:

واحتج الزجاج، على فساد هذه القراءة من جهة المعنى بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تحلفوا بآبائكم (١)»

فإذا عطف الأرحام على المكنى عن اسم الله، اقتضى ذلك جواز الحلف بالأرحام، ويمكن الجواب عنه بأن هذا حكاية عن فعل كانوا يفعلونه في الجاهلية؛ لأنهم كانوا يقولون: أسألك بالله والرحم، وحكاية هذا الفعل عنهم في الماضي لا تنافي ورود النهي عنه في المستقبل، وأيضا فالحديث نهى عن الحلف بالآباء فقط، وههنا ليس كذلك، بل هو حلف بالله أولا، ثم يقرن به بعده ذكر الرحم، فهذا ينافي ذلك الحديث (٢)، ويرى الإمام الرازي أن القراءات لا بد من تواترها، وما نقل منها بطريق الآحاد فهو مردود لا يعتد به؛ ففي قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} (٣) "ذكر ستا" من القراءات الشاذة فيها، ثم قال: فهذه هي القراءات الشاذة المذكورة في هذه الآية، واعلم أن المحققين قالوا هذه القراءات لا يجوز تصحيحها؛ لأنها منقولة بطريق الآحاد، ثم تعرض للقراءات المتواترة في الآية، وأقوال الطاعنين فيها، ووجهة نظرهم، والرد عليها بالحجة والبيان، يقول في ذلك: " القراءة المشهورة" أن هذان الساحران، وأما الطعن فيها فهو أسوأ مما تقدم (٤)، من وجوه (أحدها) أنه لما كان نقل هذه القراءة في الشهرة


(١) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد.
(٢) تفسير الفخر جـ٩/ ١٧٠.
(٣) سورة طه الآية ٦٣
(٤) أي أسوأ من اعتبار الشاذ قرآنا