للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال وهذا الصحيح الذي يتعين المصير إليه ثم ذكر أدلته وقال في هذا المذهب جمعا بين الأخبار دون غيره فيكون أولى بالصواب. اهـ (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد تناوع الناس في شفعة الجار على ثلاثة أقوال، أعدلها هذا القول إنه إن كان شريكا في حقوق الملك ثبتت له الشفعة وإلا فلا. اهـ (٢).

وقال ابن القيم - رحمه الله -: والصواب القول الوسط الجامع بين الأدلة الذي لا يحتمل سواه وهو قول البصريين وغيرهم من فقهاء الحديث أنه إن كان بين الجارين حق مشترك من حقوق الأملاك من طريق أو ماء أو نحو ذلك ثبتت الشفعة، وإن لم يكن بينهما حق مشترك البتة بل كان واحد منهما متميزا ملكه وحقوق ملكه فلا شفعة وهذا الذي نص عليه أحمد في رواية أبي طالب فإنه سأله عن الشفعة لمن هي؟ فقال: إذا كان طريقهما واحدا، فإذا صرفت الطرق وعرفت الحدود فلا شفعة، وهو قول عمر بن عبد العزيز وقول القاضيين: سوار بن عبيد الله، وعبيد الله بن الحسن العنبري - إلى أن قال - والقياس الصحيح يقتضي هذا القول فإن الاشتراك في حقوق الملك شقيق الاشتراك في الملك، والضرر الحاصل بالشركة فيها كالضرر الحاصل بالشركة في الملك أو أقرب إليه، ورفعه مصلحة للشريك من غير مضرة على البائع ولا على المشتري، فالمعنى الذي وجبت لأجله شفعة الخلطة في الملك موجود في الخلطة في حقوقه، فهذا المذهب أوسط المذاهب وأجمعها للأدلة وأقربها إلى العدل وعليه يحمل الاختلاف عن عمر - رضي الله عنه - حيث قال: لا شفعة فيما إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق، وحيث أثبتها فيما إذا لم تصرف الطرق، فإنه قد روى عنه هذا وهذا. وكذلك ما روى عن علي - رضي اله عنه - فإنه قال: إذا حدت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة، ومن تأمل أحاديث شفعة الجار رآها صريحة في ذلك وتبين له بطلان حملها على الشريك وعلى حق الجوار غير الشفعة وأجاب - رحمه الله - عن حديث أبي هريرة: «فإذا وقعت الحدود فلا شفعة (٣)» بأن تصريف الطرق داخل في وقوع الحدود، فإن الطريق إذا كانت مشتركة لم تكن الحدود كلها واقعة بل بعضها حاصل وبعضها منتف فوقوع الحدود من كل وجه يستلزم أو يتضمن تصريف الطرق (٤).

وسئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - هل تثبت الشفعة بالشركة في الطريق والبئر والشركة في السيل فأجاب: تثبت للجار إذا كان شريكا في الطريق والبئر ولا تثبت الشفعة بالشركة بالجدار ولا بالشركة في السيل. وأجاب ابنه عبد الله بما نصه: قولك هل تثبت الشفعة بالشركة في البئر والطريق ومسيل الماء فالمفتى به عندنا أنها تثبت بذلك كما هو اختيار الشيخ تقي الدين وغيره من العلماء. اه وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - عن ثبوت الشفعة بالشركة بالسيل فأجاب: المذهب عدم ثبوت الشفعة بالطريق والسيل مثله واختيار الشيخ التشفيع بمرافق الأملاك من الطرق والبئر والسيل وهو الذي


(١) الإنصاف ج٦ ص٢٥٥.
(٢) مجموع الفتاوى ص٣٨٣ ج٣٠.
(٣) سنن أبو داود البيوع (٣٥١٥)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٩٧).
(٤) أعلام الموقعين ج٢ ص١٢٦ - ١٣٠.