للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان هذا التعريف هو تعريف الوقف عند أبي حنيفة فهو في الحقيقة تعريف للوقف غير اللازم، فإن غالبية فقهاء الحنفية ينقلون عنه أنه يرى جواز الوقف إلا أنه غير لازم كالعارية (١).

الاعتراض على هذا التعريف:

١ - يعترض عليه بمثل ما اعترض به على التعريف الأول الذي عرف الوقف به السرخسي، وذلك أنه أورد لفظ (الحبس) المقتضي للزوم الوقف وهو خلاف قول أبي حنيفة - رحمه الله- فتعريفه بأنه حبس غير صحيح.

وفي هذا يقول الكمال بن الهمام في فتح القدير: (ولفظ "حبس " إلى آخره، لا معنى له لأن له أن يبيعه متى شاء وملكه مستمر فيه كما لو لم يتصدق بمنفعته فلم يحدث الواقف إلا مشيئة التصدق بمنفعته وله أن يترك ذلك متى شاء، وهذا القدر كان ثابتا له قبل الوقف) (٢).

٢ - كما يعترض عليه بأن جعل ملكية العين باقية على ملك الواقف، يرد عليها (وقف المسجد) فإنه وقف على ملك الله تعالى.

وعلى هذا فإن هذا التعريف غير جامع.

ويمكن دفع هذا الاعتراض: بأنه تعريف للوقف المختلف فيه، وليس هو للوقف المتفق عليه.

ويجاب عن ذلك بأن إيراده تعريفا للوقف يرد هذا الجواب وهو إنما أورده معرفا به الوقف، ولو أراد التفصيل لذكر له تعريفين ولم يقتصر على هذا التعريف فقط.


(١) انظر حاشية ابن عابدين (٤/ ٣٣٧).
(٢) انظر فتح القدير (٥/ ٤).