للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - قول شريح القاضي (جاء محمد ببيع الحبس) وهو دليل على إبطال الوقف.

ورد الاستدلال به من وجوه:

أحدها: أنه منقطع فلا تقوم به حجة بل الصواب عكسه فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء بإثبات الحبس وإقرارها كما تقدم في وقف عمر - رضي الله عنه-.

الثاني: أنه خلاف الواقع فلم يكن الوقف يعرف في الجاهلية بصفته بعد النبوة بل هو تشريع إسلامي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - كما جاء بالصلاة والصيام وباقي التشريعات.

الثالث: أنه محمول على حبس الجاهلية وما كانوا يحبسونه من السوائب والبحائر والحوامي وما أشبهها فنزل القرآن الكريم بإحلال ما كانوا يحرمون منها وإطلاق ما حبسوا بغير أمر الله.

نقل الذهبي أن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: (حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول: اجتمع مالك وأبو يوسف عند أمير المؤمنين فتكلموا في الوقوف وما يحبسه الناس فقال يعقوب: هذا باطل).

قال شريح جاء محمد بإطلاق الحبس فقال مالك: إنما أطلق ما كانوا يحبسونه لآلهتهم من البحيرة والسائبة وأما الوقوف: فهذا وقف عمر قد استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «حبس أصلها وسبل ثمرتها (١)» وهذا وقف الزبير فأعجب الخليفة ذلك منه) (٢).

وقال الطرابلسي في كتاب الإسعاف قي أحكام الأوقاف (ص: ١٤) (قول شريح جاء محمد ببيع الحبس) محمول على حبس الكفرة مثل البحيرة والوصيلة والسائبة والحام).


(١) صحيح البخاري الوصايا (٢٧٦٤)، صحيح مسلم الوصية (١٦٣٣)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٧٥)، سنن النسائي الأحباس (٣٦٠٣)، سنن أبو داود الوصايا (٢٨٧٨)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٩٧)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٥).
(٢) انظر سير أعلام النبلاء (٨/ ١١).