للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - وروى عطاء بن السائب قال: أتيت شريحا في زمن بشير بن مروان، وهو يومئذ قاض فقلت يا أبا أمية أفتني فقال: يا ابن أخي إنما أنا قاض ولست بمفت قال: فقلت إني والله ما جئت أريد خصومة. إن رجلا من الحي جعل داره حبسا قال عطاء: فدخل من الباب الذي في المسجد في المقصورة فسمعته حين دخل وتبعته وهو يقول لحبيب الذي يقدم الخصوم إليه (أخبر أنه لا حبس عن فرائض الله) (١).

وقد سبق الجواب على الرواية المذكورة بهذا اللفظ عن ابن عباس. قال ابن حزم: في المحلى (١٠: ١٧٧) بعد أن ساق قول شريح هذا:

(وأما قوله (لا حبس عن فرائض الله) فقول فاسد، لأنهم لا يختلفون في جواز الهبة، والصدقة في الحياة والوصية بعد الموت، وكل هذه مسقطة لفرائض الورثة عما لو لم تكن فيه لورثوه على فرائض الله عز وجل، فيجب بهذا القول إبطال كل هبة وكل وصية لأنها مانعة من فرائض الله تعالى بالمواريث).

اعتراض وجوابه:

قال المانعون: يحتمل أن تكون أوقاف الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قبل نزول آية المواريث. وأن ما كان بعد ذلك يحتمل أن ورثتهم أمضوه بالإجازة.

وهذا مردود من وجوه:

الأول: أنه بالرجوع إلى نزول آية المواريث نجد أنها نزلت في أوس بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه- فقد مات فجاء ابنا عمه وأخذا الميراث ولم يتركا لامرأته وأولاده شيئا كما هي عادة أهل الجاهلية.

فتشكتهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله هذه الآية.

وذكر القرطبي في تفسيره (٥: ٥٨) بعض الروايات في سبب نزول هذه الآية غالبها قريبة من قصة أوس بن ثابت.


(١) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٩٩). والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٦٢) واللفظ له.