للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - أن الأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقييد تعدد الزوجات بأربع إنما هي أخبار آحاد، وخبر الآحاد لا ينسخ به القرآن الذي فهموا منه أنه يبيح تعدد الزوجات بدون حد.

ونقول لهؤلاء أن المراد هو أحد هذه الأعداد، فمثنى يراد بها اثنتين، وكلمة ثلاث يراد بها ثلاثة، وكلمة ورباع يراد بها أربعة، وأن الواو الموجودة بين هذه الكلمات هي للتخيير وليست للجمع، فقد أجمعت الأمة الإسلامية على أنه لا يجوز الزواج بأكثر من أربع نسوة، ولم ينقل عن أحد في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بعده إلى يومنا هذا أنه جمع بين أكثر من أربع زوجات، وأن فهم هؤلاء للآية الكريمة: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (١) فهم خاطئ بني على أساس خاطئ، ولو كان تعدد الزوجات يباح في الإسلام إلى تسع أو إلى ثماني عشرة أو إلى ما لا نهاية لصرح القرآن بهذا ولم يدع للمسلمين مجالا للشك والحيرة، كما أن تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بأكثر من أربع زوجات يعتبر من خصوصياته التي لا يجوز الاقتداء به فيها (٢).

وقد يسأل بعض من الناس عن حكمة تحديد الإسلام للحد الأقصى لعدد الزوجات بأربع فقط لا أقل ولا أكثر. وهنا نقول إن التحديد العددي لكثير من الأمور شيء يعلمه الله سبحانه وتعالى وحده، فبالنسبة للأمور الشرعية لا نعلم لماذا كان عدد الصلوات المفروضة في اليوم والليلة خمس صلوات فقط؟ ولماذا لم تكن أربعا أو ستا؟ ولا نعلم شيئا عن تحديد عدد ركعات صلاة الظهر بأربع، وصلاة المغرب بثلاث ركعات فقط بينما صلاة الفجر ركعتان.

وهكذا الأمر بالنسبة لعدد الأعضاء في جسم الإنسان؛ فالإنسان له عينان ويدان ورجلان، فما الحكمة في الاقتصار على عينين فقط أو يدين فقط؟ ولماذا تشتمل اليد الواحدة والرجل الواحدة على خمس أصابع فقط؟ وليست أربع أو ست أو أكثر أو أقل؟ علم هذه الأمور عند الله تعالى. ولم تخل كتابات بعض


(١) سورة النساء الآية ٣
(٢) انظر هذه القضية في كتاب تعدد الزوجات لعبد التواب هيكل ص ٢٢ - ٥٤.