للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسكن. يقول ابن حجر: "فإذا وفي لكل واحدة منهن كسوتها ونفقتها والإيواء إليها لم يضره. ما زاد على ذلك من ميل قلب أو تبرع بتحفة" (١).

هذه هي الشروط الثلاثة التي وضعتها الشريعة الإسلامية لإباحة تعدد الزوجات، وأرى هنا اجتهادا - إذا جاز لي ذلك أن أضيف إلى هذه الشروط تحريم الجمع بين المحارم، فقد ورد في الكتاب والسنة نصوص تحرم تحريما قطعيا أن يجمع الرجل المسلم في عصمته بين الأختين، وقال الله سبحانه وتعالى في ذلك: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ} (٢) وتستمر الآية الكريمة في تعديد المحرمات من النساء حتى قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} (٣) وجاء في الحديث النبوي الشريف عن أبي خراش الرعيني عن الديلمي قال: «قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندي أختان تزوجتهما في الجاهلية فقال: إذا رجعت فطلق إحداهما (٤)».

وتحريم الجمع بين الأختين هو من أجل الحفاظ على صلات المودة والرحمة بين أفراد الأسرة المسلمة. والمعروف أن كل زوجة تعمل باستمرار على أن يكون خير زوجها لها، وتكره أن يعطي زوجها لوالده أو لوالدته أو لواحد من إخوانه أو أخواته شيئا من ماله. وهكذا الأمر بالنسبة لمن لديه أكثر من زوجة، فإن الزوجة تكره أن يعطي زوجها لضرتها مثل ما يعطيها، ولهذا الاحتمال حرم الله على الرجل أن يجمع في عصمته بين أختين حتى لا تسعى الواحدة منهما إلى حرمان أختها من خير زوجها، فيكون ذلك سببا في قطع صلات الرحمة والمودة والقرابة بينهما، أو على الأقل تفتر بينهما هذه العلاقات بسبب الغيرة والنزاع حول الزوج. ويذكر ابن حجر (٥). أن الجمع بين الأختين حرام


(١) فتح الباري، جـ ٩ ص ٣١٣.
(٢) سورة النساء الآية ٢٣
(٣) سورة النساء الآية ٢٣
(٤) سنن ابن ماجه، جـ١ ص ٦٢٧. وورد الحديث بألفاظ مختلفة في سنن الترمذي جـ ٢ ص ٢٩٩.
(٥) فتح الباري، جـ ٩ ص ١٦٠