للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك الأعمال خيرة أم شريرة، حسنة أم قبيحة، فكل ما يحدث تصدر عنه حرارة بصفة دائمة وهذه الحرارة تعكس الأشكال وأبعادها تماما، وقد تم اختراع آلات دقيقة لتصوير الموجات الحرارية التي تخرج عن أي كائن، وبالتالي تعطي هذه الآلة صورا فوتغرافية كاملة للكائن غير أن الآلات التي تم اختراعها إلى الآن لا تستطيع تصوير الموجات الحرارية إلا خلال ساعات قليلة من وقوع الحادث، أما الموجات القديمة فلا تستطيع هذه الآية تصويرها لضعفها" (١) وإذا ما تذكرنا قدرة الله الشاملة التي لا تقاربها قدرة الإنسان مهما ملك من الإمكانات والوسائل، وعلم الله الشامل الذي لا يماثله علم البشر مهما اكتشف وتعلم، تأكد لنا ما أخبر به القرآن من أن كل إنسان سيعرض عليه كل ما قام به من أعمال صغيرة كانت تلك الأعمال أم كبيرة، أقوالا كانت أم أفعالا أم خطرات النفس: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (٢) {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} (٣) {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} (٤).

٩ - وبالإضافة إلى هذه الأدلة العقلية والبراهين الاعتبارية التي قدمها القرآن لإثبات البعث وإمكان تحققه، فإن القرآن قدم نماذج وأشار إلى أحداث تم فيها إحياء بعض الموتى من الإنس أو الحيوان، وهذه طريقة لا شك أعظم لمن يؤمن بالقرآن من طريقة البرهان السالفة الذكر، لأنه لا شيء أدل- كما يقول ابن تيمية - على إمكانية الشيء من وجوده وتحققه، وقد أشار القرآن إلى بني إسرائيل الذين سألوا الله الرؤية وجعلوها شرطا لإيمانهم فأهلكهم الله بالصاعقة ثم بعثهم: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} (٥) {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٦).


(١) نفس المرجع ص: ١٢٤ - ١٢٧.
(٢) سورة الكهف الآية ٤٩
(٣) سورة الإسراء الآية ١٣
(٤) سورة الإسراء الآية ١٤
(٥) سورة البقرة الآية ٥٥
(٦) سورة البقرة الآية ٥٦