للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكيل فكل (١)» رواه الأثرم. وإن كان المبيع دراهم أو دنانير فقبضها باليد وإن كان ثيابا فقبضها بنقلها وإن كان حيوانا فقبضه تمشيته من مكانه، وإن كان مما لا ينقل ويحول فقبضه التخلية بينه وبين مشتريه لا حائل دونه، وقد ذكره الخرقي في باب الرهن فقال: إن كان مما ينقل فقبضه أخذه إياه من راهنه منقولا، وإن كان مما لا ينقل فقبضه تخلية راهنه بينه وبين مرتهنه لا حائل دونه، ولأن القبض مطلق في الشرع فيجب الرجوع فيه إلى العرف كالإحراز والتفرق والعادة في قبض هذه الأشياء ما ذكرنا. . . . إلى أن قال:

(مسألة) قال (ومن اشترى ما يحتاج إلى قبضه لم يجز بيعه حتى يقبضه)

وقد ذكرنا الذي يحتاج إلى قبض والخلاف فيه وكل ما يحتاج إلى قبض إذا اشتراه لم يجز بيعه حتى يقبضه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه (٢)» متفق عليه، ولأنه من ضمان بائعه فلم يجز بيعه كالسلم ولم أعلم بين أهل العلم خلافا إلا ما حكي عن البتي أنه قال: لا بأس ببيع كل شيء قبل قبضه، وقال ابن عبد البر: وهذا قول مردود بالسنة والحجة المجمعة على الطعام وأظنه لم يبلغه هذا الحديث ومثل هذا لا يلتفت إليه، وأما غير ذلك فيجوز بيعه قبل قبضه في أظهر الروايتين ويروى مثل هذا عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وسعيد بن المسيب والحكم وحماد والأوزاعي وإسحاق.

وعن أحمد رواية أخرى لا يجوز بيع شيء قبل قبضه اختارها ابن عقيل وروي ذلك عن ابن عباس وهذا قول أبي حنيفة والشافعي إلا أن أبا حنيفة أجاز بيع العقار قبل قبضه، واحتجوا بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام قبل قبضه. وبما روى أبو داود: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (٣)». وروى ابن ماجه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن شراء الصدقات حتى تقبض (٤)». وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما


(١) سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٣٠)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٧٥).
(٢) صحيح البخاري البيوع (٢١٢٤)، صحيح مسلم البيوع (١٥٢٦)، سنن النسائي البيوع (٤٦٠٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٩٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٢)، موطأ مالك البيوع (١٣٣٧)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٩).
(٣) صحيح البخاري البيوع (٢١٢٤)، صحيح مسلم البيوع (١٥٢٦)، سنن النسائي البيوع (٤٦٠٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٩٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، موطأ مالك البيوع (١٣٣٧)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٥٩).
(٤) سنن ابن ماجه التجارات (٢١٩٦)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٤٢).