للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السن التي يحرم بها الرضاع:

ذهب فريق كبير من علماء السلف الصالح إلى أن الرضاع المحرم هو ما كان خلال مدة الرضاع فقط، وقدروها بسنتين فإذا رضع الرضيع خلال السنتين ثبتت الحرمة، أما إذا رضع بعد انصرام السنتين فلا رضاع ولا حرمة، ولكثرة من قال بهذا الرأي نستطيع أن نقول بشيء من التسامح إنه رأي الجمهور، ومن الذين قالوا به عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وأبو هريرة وكافة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - باستثناء أم المؤمنين عائشة، وكذلك قال به الشعبي وابن شبرمة، والأوزاعي والشافعي وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وأبو ثور ورواية عن الإمام مالك وبه قال الجعفرية والزيدية.

وقد استدل هؤلاء بالأدلة التالية:

أولا: بما روي عن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها ووجد عندها رجلا فتغير وجه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت يا رسول الله: إنه أخي من الرضاعة، فقال - عليه الصلاة والسلام -: " انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة (١)». رواه البخاري ومسلم.

ثانيا: وكذلك استدلوا بما روي عن أم سلمة أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام (٢)». أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

لقد تمسك أصحاب هذا الرأي بالحولين ولم يلتفتوا إلى غيرها من الأمور أبدا، فلو فطم الطفل خلال الحولين أو استغنى عن اللبن خلال الحولين ثم أرضع اعتبر رضاعا ناشرا للحرمة، أما إذا لم يفطم الطفل حتى انصرام الحولين وبقي رضيعا ثم أرضع بعد انصرامها ولو بدقائق لا يعتبر محرما.


(١) صحيح البخاري النكاح (٥١٠٢)، صحيح مسلم الرضاع (١٤٥٥)، سنن النسائي النكاح (٣٣١٢)، سنن أبو داود النكاح (٢٠٥٨)، سنن ابن ماجه النكاح (١٩٤٥)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٥٦).
(٢) سنن الترمذي الرضاع (١١٥٢).