للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن القاسم صاحب مالك: إذا فطم خلال الحولين ثم أرضع بعد ذلك وقبل انصرام الحولين لا تنتشر الحرمة بهذا الرضاع (١).

وذهب الإمام مالك في المشهور عنه إلى أن المدة التي تثبت بها الحرمة حولان وشهر، وفي رواية حولان وشهران، وقال: إن الطفل متى ما فطم لا بد له من مدة ليعتاد بها على الأكل بدل اللبن، وإن مدة انقلابه من رضيع إلى طفل يأكل الطعام ويتغذى به تحدد بحوالي شهر أو شهرين، ففي هذه الفترة التي ينتقل بها إذا رضع اعتبر هذا الرضاع ناشرا للحرمة، أما إذا انتهت فعنده يصبح الطفل معتادا على الطعام، لذلك لو رضع بعد انتهائها لا يعتبر هذا الرضاع ناشرا للحرمة سواء طالت المدة بعدها أو قصرت (٢).

إذا يمكننا أن نقول إن الراجح من مذهب الإمام مالك هو حولان وشهران، وذلك هو الأحوط طالما صحت عنه الأقوال الثلاثة، فنقول بالأحوط وهو أكثر المدة التي ذكرها.

وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن المدة التي تثبت بها الحرمة هي مدة سنتين ونصف، وهي ثلاثون شهرا، فقال: إن الرضاع إذا كان في هذه المدة اعتبر محرما، أما إذا كان بعدها فلا يعتبر محرما، واستدل بقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (٣) فقال: إن المقصود بالحمل هنا هو حمله مدة الرضاع وليس المقصود به حمل الأحشاء، إذ قد يتأخر الطفل في داخل البطن لمدة سنتين، لهذا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أراد بالحمل حمل الفطام وليس حمل الأحشاء.

وقال زفر من فقهاء الحنفية: إن مدة الرضاع التي إذا رضع الطفل


(١) الفتاوى الكبرى لابن تيمية جـ ٤ ص ٥٨٩ (مرجع القول الخامس).
(٢) المدونة جـ ٢ ص ٢٨٩.
(٣) سورة الأحقاف الآية ١٥