للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلالها اعتبرت ناشرة للحرمة هي ثلاث سنين فما دون، فمتى ما حصل الرضاع خلال هذه المدة اعتبر محرما أما إذا تجاوزها فإنه لا يعتبر محرما. وحجته في ذلك أن المدة هي حولان ثم يتم له حول ليتحول به من حال إلى حال، أي من حال الرضاع والاعتماد على اللبن إلى حالة الاعتماد على الطعام (١).

وذهب فريق آخر إلى عدم تحديد وقت للرضاع، بل متى حصل الرضاع تثبت به الحرمة، سواء كان في سن الصغر أم الكبر، وهذا مذهب السيدة عائشة، وهو مذهب بعض السلف الصالح، وكذلك من القائلين به ابن حزم الظاهري؛ حيث قال في المحلى: فنحن نوقن ونبت بأن رضاع الكبير يقع به التحريم، وليس في امتناع سائرهن من أن يدخل عليهن (يعني زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم -) بهذه الرضاعة شيء ينكر؛ لأن مباحا لهن أن لا يدخل عليهن من لا يحل له الدخول عليهن (٢).

ولم يكتف بالقول بثبوت الحرمة بواسطة الرضاع في أي وقت، بل شدد التنكير على من خالفه لا سيما الإمام أبو حنيفة ومالك - رحمهما الله -.

ومن القائلين بالتحريم عطاء والليث وداود، وهو قول ابن تيمية، وقد استدلوا ببعض الأدلة، التي نذكر منها ما يلي:

أولا: احتجوا بقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (٣).

فقالوا لم يقل الباري عز وجل في حولين ولا في وقت دون وقت، بل


(١) الهداية جـ ١ ص ١٦٢ والأحوال الشخصية لمحمد حسين الذهبي ص ٣٥٦ (مرجع قول الحنفية).
(٢) المحلى لابن حزم جـ ١٠ ص ١٦٢.
(٣) سورة النساء الآية ٢٣