للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية عامة تتناول جميع الأوقات وكافة الأعمار، وهو عموم لا يجوز تخصيصه إلا بنص يبين أنه مخصص لا بظن ولا بمحتمل بيان فيه.

ثانيا: وكذلك احتجوا بحديث سالم الذي روي من أكثر من طريق، ونكتفي بذكر إحدى الطرق التي ذكروها، وذلك عن طريق مسلم عن عائشة أم المؤمنين «أن سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم، فأتت - يعني سهلة بنت سهيل - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا، وإنه يدخل علينا وإني أظن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة (١)».

وسالم هذا كان كبيرا قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا من النساء، ومع ذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " أرضعيه "، فلو لم يكن رضاع الكبير محرما لما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرضعيه، وطالما حرم الرضاع بعد البلوغ فكما يحرم من في سن الخامسة عشر أو أكثر يحرم من هو في سن الأربعين أو الخمسين.

ثالثا: وكذلك احتجوا بما كانت عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -، حيث إنها كانت تدخل الكبير إذا أرضعته إحدى أخواتها حالة كبره، وكانت إذا أرادت إدخال شخص عليها أرسلته إلى إحدى أخواتها أو بنات أختها فترضعه فيدخل عليها.

إلا أن سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - غير عائشة أبين أن يدخل عليهن إلا من رضع وهو في المهد، وقلن لعائشة: والله ما ندري لعلها رخصة لسالم من النبي - صلى الله عليه وسلم - من دون الناس (٢). رواه النسائي وأبو داود وغيرهما.

إلا أن ابن حزم رد على هذا الاعتراض وقال: وهكذا جاء في الحديث


(١) صحيح البخاري النكاح (٥٠٨٨)، صحيح مسلم الرضاع (١٤٥٣)، سنن النسائي النكاح (٣٣٢٣)، سنن أبو داود كتاب النكاح (٢٠٦١)، سنن ابن ماجه كتاب النكاح (١٩٤٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٠١)، موطأ مالك كتاب الرضاع (١٢٨٨)، سنن الدارمي كتاب النكاح (٢٢٥٧).
(٢) المغني لابن قدامة جـ ٨ ص ٢٨.