ولو قال: أنت طالق وسكت سكوتا يمكنه الكلام فيه ثم قال: أنت طالق ونوى التأكيد لم يصح للفصل بالسكوت فتطلق طلقتين.
وتقبل نية التأكيد ولو مع اختلاف لفظ الطلاق مثل أن يقول: أنت مطلقة أنت مسرحة أنت مفارقة وينوي تأكيد الأولى بما بعدها فيصح وتطلق واحدة.
وظاهر كلام الأصحاب أنه لا يشترط في صحة نية الإفهام أن يكون متصلا فعبارة الزاد وشرحه: إلا أن ينوي تأكيدا يصح بأن يكون متصلا أو إفهاما. وعبارة المنتهى: إلا أن ينوي بتكراره تأكيدا متصلا أو إفهاما، وعبارة الإنصاف والإقناع: ويشترط في التأكيد أن يكون متصلا، إلا أنه في شرح الإقناع قال: ويشترط في التأكيد والإفهام فزاد والإفهام وعلله بأن الإفهام نوع من التأكيد اللفظي.
واشتراط الاتصال في الإفهام خلاف ظاهر كلام من سبقه من الأصحاب وعدم اشتراطه أظهر؛ لأن الحاجة قد تدعو إليه مع الفصل مثل: أن يخاطب زوجته في حال غلفتها أو غضبها ثم تنتبه فيعيد الجملة عليها فإن قصد الإفهام هنا ظاهر مع الفصل، نعم ينبغي أن يشترط في دعوى نية الإفهام أن يكون محتاجا إليه لغفلة أو غضب أو طرش أو أصوات كثيرة ونحو ذلك، فإن لم يكن محتاجا إليه لم يقبل منه حكما دعوى ذلك والله أعلم.
الحال الثالثة: أن لا ينوي التأكيد ولا التكرار فيقع العدد فإن كرره مرتين فطلقتان أو ثلاثا، فثلاث: ونقل أبو داود عن أحمد في قوله: اعتدى اعتدى وأراد الطلاق هي طلقة قال في القواعد الأصولية:
وظاهر هذا النص أنه لا يتكرر الطلاق إذا لم ينو التكرار، وقال في الفروع: يتوجه مع الإطلاق وجه كالإقرار يعني أنه لا يتكرر.
القسم الخامس: أن يقول: أنت طالق ويكرر لفظ الطلاق أو الجملة كلها مع أحد حروف العطف وله حالان:
الحال الأولى: أن تكون حروف العطف متغايرة فلا تقبل نية التوكيد؛ لأن العطف بحرف مغاير يقتضي أن الثاني غير الأول فلو قال: أنت طالق وأنت طالق، ثم أنت طالق. أو أنت طالق وطالق ثم طالق طلقت ثلاثا ولا يقبل منه إرادة التوكيد.
الحال الثانية: أن يكون العطف بحرف واحد مثل أن يقول: أنت طالق، ثم أنت طالق، ثم أنت طالق. أو أنت طالق، ثم طالق فتطلق ثلاثا، فإن نوى تأكيد الثانية بالثالثة قبل إن كان متصلا وطلقت طلقتين، وإن نوى تأكيد الأول بالثانية لم يقبل؛ لأن العطف يقتضي المغايرة، وإن نوى تأكيدها بالثالثة لم يقبل لذلك وللفصل وتطلق ثلاثا فيهما.