للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك لما ورد في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن، فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك (١)». .

وقد تقدم كلام الحافظ ابن حجر في إجابته على الاعتراض الذي وجه للبخاري في عدم افتتاحه كتابه بخطبة تنبئ عن مقصوده بالحمد والشهادة امتثالا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم. فذكر الحديث المذكور، وحديث: " كل خطبة ليس فيها شهادة. . . ".

ثم قال الحافظ ابن حجر: (ثم اللفظ وإن كان عاما لكن أريد به الخصوص وهي الأمور التي تحتاج إلى تقدم الخطبة، أما المراسلات فلم تجر العادة الشرعية ولا العرفية بابتدائها بذلك، فالابتداء بالحمد واشتراط التشهد خاص بالخطبة، بخلاف بقية الأمور المهمة، فبعضها يبدأ فيه بالبسملة تامة كالمراسلات، وبعضها ببسم الله فقط كما في أول الجماع والذبيحة - (قلت: وعند الأكل) - وبعضها بلفظ من الذكر مخصوص كالتكبير، وقد جمعت كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وغيرهم فلم يقع في واحد منها البداءة بالحمد بل بالبسملة وهو يؤيد ما قررته) ا. هـ (٢).


(١) الحديث المشار إليه أخرجه البخاري في صحيحه (٥/ ٢٢٤) كتاب التفسير، باب قوله: أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام، ومسلم في صحيحه (١/ ١٥٤) الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٢) انظر فتح الباري (٨/ ٢٢٠).