للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الملك بن مروان.

نستنتج ما يلي:

١ - أن الدرهم الإسلامي المعروف لدى أهل مكة كان معروفا للمسلمين منذ أن وجههم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بأهل مكة في ميزانهم، وهذا الدرهم المعروف بوزن الإسلام الذي هو ستة دوانيق ونستبه إلى المثقال ٧/ ١٠ هو الذي تؤدى به الواجبات المالية، وتقدر به الديات، وتعقد به الأنكحة والضمانات وأروش الجنايات وغير ذلك، وعرف فيما بعد بوزن بيت المال.

٢ - أن ما روي من أن عمر رضي الله عنه هو أول من ضرب الدرهم يمكن حمله على أن ملك الفرس (رأس بغل) كان يضرب له الدراهم ويرسلها إليه بناء على طلبه، وهذا ما يحتمله كلام العيني في شرح البخاري من أن عمر ضربها على نقش الكسروية، فليس فيه ما يدل أن عمر اتخذ دارا للضرب والسكة.

٣ - أن مفهوم الدرهم الإسلامي كان يعرفه تجار مكة كلهم معرفة دقيقة، يعرفون وزنه ويتخيلونه، ولا يضيرنا ألا يكون للدولة نقد مطبوع في أرضها حتى عام ٧٦ هـ، ولكن المقادير معروفة معلومة بدليل حديث عائشة عندما اشترت بريرة، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوزن وهو وزن مكة.

وحديث سماك بن حرب «أن مالكا أبا صفوان قال: بعت للنبي صلى الله عليه وسلم سراويل بثلاثة دراهم، فوزن لي فأرجح، وأعطى الوزان أجره (١)» فلو لم يكن الدرهم معلوما في هذه البيع لما صح البيع ولما عرف الرجحان.

٤ - بالرغم من تعامل المسلمين بنقد أجنبي فإنهم كانوا يتعاملون بهذه


(١) رواه النسائي في باب البيوع، والترمذي في التجارات، وأحاديث الأمر بالرجحان في الوزن كثيرة في البخاري ومسلم، وفي كتب السنن.