للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولفظ الكراهة هنا تورع عن التحريم والجزم به على طريقة سلفنا الصالح حين كانوا يعبرون عن التحريم بالكراهة تحرجا من مدلول الآية الكريمة: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} (١) سورة يونس: ٥٩، وقال ابن القيم نقلا عن ابن وهب: سمعت مالكا يقول: لم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا، ولا أدركت أحدا أقتدي به يقول في شيء: هذا حلال وهذا حرام، وما كانوا يجترئون على ذلك، وإنما كانوا يقولون: نكره هذا، ونرى هذا حسنا، وينبغي هذا، ولا نرى هذا (٢).

الشافعية:

يرى الشافعية ألا زكاة في الفلوس، بل لا زكاة في المغشوش من النقدين حتى يبلغ خالصه نصابا (٣) كما في عبارة المنهاج، والمذهب أنه لا ربا في الفلوس؛ لأن علة الربا في الذهب والفضة عندهم جنسية الأثمان غالبا، فهم يشترطون غلبة الثمنية لا مطلق الثمنية كما سنراه في علة الربا، وليست العلة في النقدين أنهما قيم الأشياء كما جرى عليه في التنبيه؛ لأن الأواني والتبر والحلي يجري الربا فيها وليست قيم الأشياء، فلا بد من غلبة الثمنية، فلو راجت الفلوس رواج النقود أيضا لا ربا فيها (٤).

وذكر النووي: أن كون العلة جنسية الأثمان غالبا، قال أصحابنا: غالبا احتراز عن الفلوس الرائجة فلا يحرم الربا فيها كما قطع به المصنف، وفيه وجه شاذ بحرمة الربا فيها حكاه الخراسانيون (٥) وحيث لم تتحقق


(١) سورة يونس الآية ٥٩
(٢) إعلام الموقعين ١/ ٣٩، ٤٠، ط دار الجيل.
(٣) مغني المحتاج ١/ ٣٩٨.
(٤) مغني المحتاج ٢/ ٢٥.
(٥) المجموع ٩/ ٣٩٥.